قراءة فى كتاب إبهاج أهل الصناعة بدراسة حديث(بعثت بالسيف بين يدي الساعة)
المؤلف أبي ذر السمهري اليماني والكتب مداره حديث بعثت بين يدى الساعة بالسيف وكونه صحيح عند السمهرى وفى مقدمته قال :
"فهذه دراسة موسعة لحديث رسول الله (ص): (بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم)."
والحديث ظاهر أنه مخالف لكتاب الله فيما يلى :
الأول بعثه مع الساعة والساعة لم تحدث بعد فكيف يعث مع الساعة ؟
وهو ما يخالف أنه لا يعلم الساعة إلا الله كما :
" لا يعلمها إلا هو "
الثانى البعث بالسيف والبعث إنما هو برسالة الله ككل وليس بجزء منها كما قال تعالى :
"وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ "
الثالث الرزق بالرمح وهو ما يخالف أن الرزق يأتى بوسائل مختلفة كالسير فى الأرض كما قال تعالى:
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ"
وتحدث عن رواة الحديث من الصحابة وغيرهم فقال :
"هذا الحديث روي عن ثلاثة من الصحابة ، عن ابن عمر و أبي هريرة وأنس بن مالك وجاء مرسلا عن طاوس بن كيسان و الحسن البصري رحمهما الله تعالى، وجاءت جملة منه في حديث عتبة بن عويم ومرسل مكحول الشامي وجاءت الجملة الأخيرة منه في حديث حذيفة مرفوعا وموقوفا، وعن عمر موقوفا.
أما رواية ابن عمر فقد أخرجها البخاري معلقا (4/ 40) - دون الجملة الأولى والأخيرة-، وقد روى عن ابن عمر أبو منيب الجرشي وعنه حسان بن عطية وعنه راويان:
أولهما: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، أخرج ذلك ابن أبي شيبة في مصنفه (4/ 212) وأحمد في مسنده (9/ 126) و أبو داود في السنن-مقتصرا على الجملة الأخيرة من الحديث - (4/ 44) حدثنا عثمان بن أبي شيبة، و أبو يعلى في مسنده-كما في إتحاف الخيرة المهرة- (4/ 484) ثنا زهير بن حرب، والبيهقي في شعب الإيمان (2/ 417) من طريق الحسن بن المكرم، والخطيب في الفقيه والمتفقه (2/ 142) نا أبو الحسين علي بن محمد المعدل وأنا الحسن بن أبي بكر , والذهبي في السير (12/ 86) من طريق محمد بن أحمد بن القاسم ثلاثتهم (المعدل و ابن أبي بكر و محمد بن أحمد) عن أبي عمر الزاهد محمد بن عبد الواحد , نا موسى بن سهل الوشاء ستتهم (ابن أبي شيبة و أحمد بن حنبل و عثمان بن أبي شيبة و زهير والحسن بن المكرم وموسى بن سهل) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، وأخرجه أحمد (9/ 123) حدثنا محمد بن يزيد يعني الواسطي، وأخرجه عبد بن حميد في مسنده-كما في المنتخب- (2/ 57) حدثنا سليمان بن داود الطيالسي، وأخرجه ابن الأعرابي في معجمه (2/ 576) -والبيهقي-من أحد طرقه- في شعب الإيمان (2/ 417) -نا إبراهيم بن معاوية القيسراني، والطبراني في مسند الشاميين-في أحد طرقه (1/ 135) حدثنا عمرو بن ثور الجذامي، و تمام في فوائده (1/ 318) -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 257) -من طريق أبي القاسم أخطل بن الحكم القرشي، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 76) من طريق عبد الله بن أبي مريم أربعتهم (القيسراني والجذامي وأخطل وابن أبي مريم) عن محمد بن يوسف الفريابي، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (13/ 317) وفي مسند الشاميين (1/ 135) -في أحد طرقه-حدثنا عبد الله بن محمد بن عزيز الموصلي عن غسان ابن الربيع، وأخرجه الطبراني أيضا في مسند الشاميين (1/ 135) -في أحد طرقه-حدثنا أبو زرعة الدمشقي، ثنا علي بن عياش الحمصي خمستهم كلهم (أبو النضر ومحمد بن يزيد والطيالسي والفريابي وابن الربيع والحمصي) عن ابن ثوبان عنه.
ثانيهما: الأوزاعي، واختلف عليه:
1 - فرواه صدقة السمين عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا، أخرج ذلك البزار في مسنده (15/ 104) حدثنا عمر بن الخطاب السجستاني، قال: حدثنا أبو حفص التنيسي وأخرجه أبو ذر الهروي في ذم الكلام وأهله (3/ 118) والذهبي في السير (16/ 242) من طريق دحيم كلاهما (أبو حفص ودحيم) عن عمرو بن أبي سلمة، قال: حدثنا صدقة به.
2 - ورواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن عبد الله بن عمر مرفوعا، أخرج ذلك الطبراني في الكبير (13/ 318) حدثنا موسى بن سهل أبو عمران الجوني ثنا هشام ابن عمار، والطحاوي في مشكل الآثار (1/ 213) حدثنا أبو أمية حدثنا محمد بن وهب بن عطية، و أخرج ذلك ابن حذلم في جزء من حديث الأوزاعي (1/ 14) من طريق هشام بن عمار، وعمرو بن عثمان، وكثير بن عبيد كلهم (ابن وهب وهشام وعمرو وكثير) قالوا: حدثنا الوليد بن مسلم به.
3 - ورواه ابن المبارك والثوري وابن يونس كلهم عن الأوزاعي عن سعيد بن جبلة عن طاوس مرسلا للنبي (ص).
أما رواية ابن المبارك فقد أخرجها في الجهاد له (1/ 89) من طريق ابن رحمة، وأخرجها القضاعي في مسند الشهاب (1/ 244) من طريق علي بن معبد-مختصرا-كلاهما (ابن رحمة وابن معبد) عن ابن المبارك به.
أما رواية الثوري فقد أخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 470) حدثنا وكيع عن سفيان به، وأما رواية ابن يونس فقد أخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 470) عن ابن يونس به.
وأما رواية أنس بن مالك فقد أخرجها الهروي في ذم الكلام (3/ 120) من طريق الحسين بن محمد بن عفير، وأبو نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان (1/ 165) من طريق أحمد بن محمود بن صبيح كلاهما (الحسين وأحمد) عن الحجاج بن يوسف بن قتيبة حدثنا بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس مرفوعا.
أما رواية عتبة بن عويم فأخرجها العقيلي في الضعفاء (3/ 329) والبغوي في معجم الصحابة (4/ 487) وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 174) كلهم عن محمد بن طلحة التيمي قال: حدثني عبد الرحمن بن سالم بن عبد الرحمن بن عتبة بن عويم بن ساعدة، عن أبيه، عن جده قال: قال النبي (ص): «إن الله تبارك وتعالى بعثني بالهدى ودين الحق، ولم يجعلني زراعا ولا تاجرا ولا صخابا في الأسواق، وجعل رزقي في ظل رمحي»
وأما مرسل مكحول فقد أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 222) قال حدثنا وكيع نا سفيان، وأخرجه يحيى بن آدم في الخراج (1/ 76) قال: حدثنا قيس كلاهما (سفيان وقيس بن الربيع) عن برد أبي العلاء، عن مكحول قال: قال رسول الله (ص): " جعل رزق هذه الأمة في سنابك خيلها، وأزجة رماحها، ما لم يزرعوا، فإذا زرعوا كانوا من الناس "
أما حديث حذيفة ، فقد رواه عنه راويان:
أولهما: نمير بن أوس
أخرج ذلك الطبراني في مسند الشاميين (3/ 94) حدثنا عمرو بن إسحاق ثنا أبي ثنا عمرو بن الحارث ثنا عبد الله بن سالم-الأشعري- عن الزبيدي ثنا نمير به مرفوعا.
ثانيهما: أبو عبيدة بن حذيفة رضي الله عنه، واختلف عليه
فرواه يحيى بن سعيد القطان عنه موقوفا.
أخرج ذلك الإمام أحمد في الورع (1/ 190) عن يحيى بن سعيد عن أبي عبيدة به، إلا أن فيه (دعي حذيفة إلى شيء قال فرأى شيئا من زي الأعاجم قال فخرج وقال من تشبه بقوم فهو منهم)ورواه محمد بن سيرين عنه مرفوعا.
أخرج ذلك البزار في مسنده (7/ 368) والطبراني في " المعجم الأوسط " (8/ 179) حدثنا موسى بن زكريا كلاهما (البزار وابن زكريا) عن محمد بن مرزوق قال أخبرنا: عبد العزيز بن الخطاب قال: أخبرنا علي بن غراب قال: أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين به.
وأما رواية عمر الموقوفة، فقد أخرجها معمر بن راشد في جامعه (11/ 453) عن قتادة أن عمر بن الخطاب رأى رجلا قد حلق قفاه ولبس حريرا، فقال: " من تشبه بقوم فهو منهم "
والملاحظ أن هناك تناقض بين الروايات فى سبب الرزق فمرة الرماح ومرة سنابك الخير
وتحدث عن علل الأسانيد فقال :
"دراسة الأسانيد:
أولا: الراجح في الإختلاف على الأوزاعي
رجح الإمام الدارقطني أن المحفوظ عن الأوزاعي ما رواه الوليد بن مسلم ولكن الذي يظهر أن المحفوظ عن الأوزاعي هو عن سعيد بن جبلة عن طاوس مرسلا للنبي (ص)، لكون من روى ذلك أكثر وأثبت، وقد رجح هذا الإمام عبد الرحمن بن إبراهيم-دحيم-كما في العلل لابن أبي حاتم (3/ 388) ورجحه البزار في مسنده (15/ 104) حيث قال بعد أن أخرج رواية صدقة السمين الموصولة: (وهذا الحديث قد خولف صدقة في إسناده فرواه غيره عن الأوزاعي بغير هذا الإسناد مرسلا ولم يتابع صدقة على روايته هذه عن الأوزاعي بهذا الإسناد).
ثانيا: الحكم على إسناد حديث ابن عمر وأبي هريرة وأنس رضي الله عنهم ومرسل طاوس والحسن و حديث عتبة بن عويم ومرسل مكحول الشامي رحمهم الله تعالى وحديث حذيفة ورواية عمر الموقوفة
أما حديث ابن عمر ففيه أبو منيب الجرشي وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، فأما أبو منيب فقد وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 564) وقال عنه ابن عبد البر في التمهيد (11/ 76) ليس به باس، ووثقه الذهبي في الكاشف (2/ 464) والحافظ في التقريب (1/ 667)، وأما عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان فسأتوسع بتوفيق الله في شأنه لكون من لا دراية له بفن الجرح والتعديل قد تكلم فيه دون إدراك واستجماع لأقول النقاد فيه، وهاك أخي الموحد أقوال الأئمة واحدا بعد الآخر:
تحرير قول الإمام أحمد
قال الأثرم عن أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير.
وقال محمد بن علي الوراق، عن أحمد بن حنبل: لم يكن بالقوي في الحديث.
وقال أبو بكر المروذي، عن أحمد بن حنبل: كان عابد أهل الشام، وذكر من فضله قال: لما قدم به دخل على ذاك الذي يقال له المهدي، وابنته على عنقه.
قلت: نستطيع الجمع بين روايتي الأثرم والوراق وهما الروايتان المتعلقتان بالرواية وأما رواية المروذي فهي في أمر العبادة التي لا شأن لها بضبط الرواي وذلك بأن تحمل رواية الأثرم على أحاديث بعينها استنكرها الإمام أحمد، وأما الحكم العام على ابن ثوبان فهي رواية ابن الوراق والتي لا تدل على التضعيف المطلق وإنما تدل على تليين لحديث الراوي وعدم بلوغ من قيلت فيه الدرجة العليا من الحفظ، قال عبد الله بن أحمد في (العلل ومعرفة الرجال) (1/ 384): (سألت أبي عن فرقد السبخي فقال: ليس هو بقوي في الحديث، قلت: هو ضعيف؟ قال: ليس هو بذاك؛ وسألته عن هشام بن حجير؟ فقال: ليس هو بالقوي؛ قلت: هو ضعيف؟ قال: ليس هو بذاك)
فإن قال قائل في محاولة لتأويل عبارة الإمام أحمد بما لا يجعلها عبارة جرح: هل يمكن حمل النكارة في كلام الإمام أحمد على معنى التفرد؟
فالجواب: أن المنكر عند النقاد من مصطلحات رد الحديث وعدم قبوله، فالمنكر عند قدامى المحدثين لا يقتصر على المخالفة فحسب بل إنهم يطلقونه على تفردات بعض الرواة بما لا يحتمل منهم أن يتفردوا به، فالمنكر عند القدامى باختصار هو الخطأ الذي يستفحشه الناقد، وهو أمر نسبي فما يستفحشه ناقد قد لا يستفحشه ناقد آخر، والمنكر ليس مرادفا للخطأ بل هو خطأ أشد ودلالة اللغة تؤيد هذا المعنى، وعلى هذا التقرير الذي قرره بعض الباحثين المعاصرين استقراء لمصطلح المنكر عند النقاد، وبدلالة اللغة أيضا لا يتأتى القول بأن الأئمة-ومنهم الإمام أحمد- يطلقون المنكر ويريدون به مطلق التفرد مع القبول، كيف ودلالة اللغة تأبى ذلك؟؟ ومن المعلوم أن ثمة ارتباطا بين المعنى اللغوي للمصطلح وبين معناه العرفي عند أهل الفن، وهذا أمر لا ينبغي إغفاله.
فقول الإمام أحمد (أحاديثه مناكير) يدل على أن الإمام أحمد يرى-وهذا اجتهاد منه- أن أحاديث ابن ثوبان أخطاء مستفحشة لا أن الإمام يرى أحاديثه مفاريد مقبولة، ولو سلمنا جدلا بأن مراد الإمام أحمد أن أحاديث ابن ثوبان مفاريد فإن هذا لا يعفي ابن ثوبان من المذمة، لأن هذا يعني أن روايات ابن ثوبان تفتقد إلى متابعة الثقات؟؟ ومن تأمل كلام ابن عدي في الكامل يجده في مواطن ينعت الرواة الضعفاء بكون عامة رواياته أو بعضها لا يتابعه عليها الثقات، هذا ما يقتضيه الإنصاف عند تناول عبارة النقاد في الجرح والتعديل. لكن هناك محمل آخر لقول الإمام أحمد (أحاديثه مناكير) وهو أن أحمد كما هو معلوم من الأئمة الموصوفين بالاعتدال في باب الجرح والتعديل، لكن لا يعني وصف الإمام بالإنصاف اعتماد حكمه مطلقا وأنه لا يتشدد، كما لا يعني وصف إمام آخر بالتشديد عدم الاعتداد بتجريحه، ولا وصف آخر بالتساهل عدم الاعتداد بتعديله، إنما هذه الأوصاف يستعان بها كقرينة من قرائن الترجيح عند تعارض النصوص المنقولة عن الأئمة في الجرح والتعديل، قال العلامة المعلمي في مقدمة الفوائد المجموعة: (ما اشتهر من أن فلانا من الأئمة مسهل وفلانا متشدد ليس على إطلاقه، فإن منهم من يسهل تارة ويشدد تارة، بحسب أحوال مختلفة. ومعرفة هذا وغيره من صفات الأئمة التي لها أثر في أحكامهم لا تحصل إلا باستقراء بالغ لأحكامهم، مع التدبر التام)، ولذا فقول الإمام أحمد عن ابن ثوبان (أحاديثه مناكير) أرى أنه تشدد منه في مقابل قوله (لم يكن بالقوي في الحديث)، بقرينة عدم موافقة غيره من النقاد المنصفين كابن المديني وأبي زرعة وأبي داود-تلميذ الإمام أحمد- على ما جاء في رواية الأثرم، بل مع مخالفة المتعنتين في التوثيق له كأبي حاتم الرازي الذي وثق ابن ثوبان كما سيأتي.
قول ابن معين
1 - رواية ابن الحنيد
عن ابن معين: صالح، وقال في موضع آخر: ضعيف
2 - رواية الدوري
عن يحيى بن معين: ليس به بأس
3 - رواية معاوية بن صالح والدارمي وعبد الله بن شعيب الصابوني
عن يحيى بن معين: ضعيف.
زاد معاوية: فقلت: يكتب حديثه؟. قال: نعم على ضعفه، وكان رجلا صالحا.
4 - رواية ابن أبي خيثمة
عن يحيى بن معين: لا شيء.
هذه هي الروايات المنقولة عن ابن معين في شأن ابن ثوبان، وكل النقلة عن ابن معين معروفون فمنهم بغاددة ومنهم غير بغاددة سوى عبد الله بن شعيب الصابوني فلم أجد له ترجمة، ولعل الراجح من هذه الروايات هي رواية الدوري لأمرين:
أولا: هو أكثر من لازم ابن معين من تلاميذه حتى أنه صاحب ابن معين في بعض أسفاره
ثانيا: رواية الدوري تتوافق مع أقوال جمهور النقاد لاسيما أقران ابن معين في العلم والطبقة كابن المديني والفلاس، وقد أدخل الإمام ابن شاهين ابن ثوبان في كتاب (ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه) (1/ 43)، وقال بعد أن روى عن ابن معين أنه قال عنه: نزل الشام وما ذكره إلا بخير، ثم ذكر رواية المفضل بن غسان عن يحيى قوله في ابن ثوبان: ليس بشيء، قال ابن شاهين: وهذا القول من يحيى بن معين يوجب التوقف في ابن ثوبان، لأن سكوته عن إطرائه وتوثيقه لا يقضي على تضعيفه)
علي بن المديني لا بأس به
العجلي لا بأس به.
تحرير قول أبي زرعة الرازي "شامي لا بأس به"
فإن قال قائل أليس في تهذيب التهذيب (6/ 151) أن أبا زرعة قال عن ابن ثوبان (لين)؟؟ فهل هو قول آخر له؟؟
قلت: الظاهر أن الذي في تهذيب التهذيب وهم من الناسخ أو الحافظ ابن حجر والدليل على ذلك:
أولا: أن تهذيب الكمال الذي هو أصل تهذيب التهذيب لم يذكر سوى قول أبي زرعة (لا بأس به)، ولو كان الحافظ قد وقف على نص آخر لأبي زرعة قال فيه عن ابن ثوبان (لين) لجعله في الزيادات من بعد (قلت)، كما أشار الحافظ نفسه إلى ذلك في مقدمة تهذيب التهذيب حيث قال (1/ 5): (وما زدته في أثناء التراجم قلت في أوله: "قلت", فجميع ما بعد قلت فهو من زيادتي إلى آخر الترجمة)
ثانيا: قول أبي زرعة قرن بمن لا يقول بتليين ابن ثوبان، فقد جاء في الطبعة الهندية (6/ 151) (وقال الدوري عن ابن معين والعجلي وأبو زرعة الرازي لين) وقد سبق معنا أن قول ابن معين-رواية الدوري- والعجلي في ابن ثوبان هو لا بأس به، فكيف يكون هؤلاء الأئمة الثلاثة ممن يقولون بتليين ابن ثوبان؟؟
ثالثا: بحثت في مظان أقوال أبي زرعة النقدية فلم أجد إلا ما في كتاب الجرح والتعديل وهو ما ذكره المزي في تهذيب الكمال.
وعليه فتليين أبي زرعة غير ثابت بدليل ما سبق، وبهذا تعلم أن ما ذهب إليه الدكتور سعدي الهاشمي من أن ابن ثوبان من الرواة الذين وثقهم وجرحهم أبو زرعة فيه نظر وأن الصواب هو أن أبا زرعة ممن يرى أن ابن ثوبان لا بأس به."
وبعد ان انتهى من ألسانيد انتهى إلى الخلاصة التالية :
".......
الخلاصة مما سبق: هو أن جمهور النقاد على أن ابن ثوبان مقبول الرواية ممن يحتج بحديثه، وأما ما وقع في حديثه من بعض المنكرات فليس من شرط من تقبل روايته ألا يقع منه ذلك، كما أن ثمة من الرواة من روى عن ابن ثوبان المناكير ولا يتحمل ابن ثوبان تبعتها إنما تبعتها على من رواها عنه، كالوليد بن الوليد العنسي الذي روى عن ابن ثوبان الموضوعات كما نص على ذلك الحاكم هذا فيما يتعلق بالرواية، وأما مذهبه العقدي فالأئمة المتقدمون لم يرموه بغير القدر كما سبق، وأما رميه بشيء من الخارجية فلم أره إلا عند الإمام الذهبي رحمه الله تعالى، والذهبي لم يقل بأنه خارجي بل كلامه ظاهر في أن ابن ثوبان قد وافق الخوارج في بعض ما يذهبون إليه، ولعل تبني ابن ثوبان لهذا الأمر كان في وقت ما من حياته ثم تاب إلى الله وأناب، لا أنه بقي عليه إلى آخر حياته لأن الأئمة المتقدمين لم يشيروا إلى ذلك وإنما أشاروا إلى القدر كما أسلفت، وعليه فإسناد هذا الحديث من رواية ابن عمر لا بأس به: وهناك من صححه من الأئمة:
1 - قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في إقتضاء الصراط المستقيم
(1/ 269): " إسناد جيد "،
2 - وقال عنه العراقي في المغني عن حمل الأسفار (1/ 505) (إسناده صحيح).
3 - وقال عنه الذهبي في السير (15/ 509) (إسناده صالح).
4 - وممن يرى ثبوت الحديث الحافظ ابن رجب فقد شرحه في رسالة-مطبوعة- بعنوان (الحكم الجديرة بالإذاعة).
5 - وقال الحافظ ابن حجر: (أخرجه أبو داود بسند حسن)
وقد صحح الحديث من رواية ابن عمر اثنان من المعاصرين:
6 - العلامة أحمد شاكر في تخريجه للمسند.
7 - وحسنه المحدث الألباني في الإرواء (5/ 109)
وأما رواية أبي هريرة فهي من منكرات صدقة بن عبد الله السمين وهو ضعيف كما قاله الذهبي في الكاشف (1/ 502) والحافظ في التقريب (1/ 275) ولذا قال دحيم عن رواية صدقة (هذا الحديث ليس بشيء) (2)، وأما رواية أنس بن مالك فجاءت بإسناد ضعيف جدا، لأن فيه بشر بن حسين، مجمع على ضعفه وقال عنه الدارقطني في (الضعفاء والمتروكون) (1/ 159): (متروك، عن الزبير بن عدي، بواطيل، وله عنه نسخة موضوعة).
وأما حديث عتبة بن عويم فقد ضعفه البخاري وأبو حاتم الرازي والذهبي
وأما حديث حذيفة فإسناد الطبراني في مسند الشاميين ضعيف، لأن فيه إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زبريق، قال الحافظ في التقريب (1/ 99): (صدوق يهم كثيرا، وأطلق محمد ابن عوف أنه يكذب)، وفيه عمرو بن الحارث، قال عنه الإمام الذهبي: (غير معروف العدالة) (4)، كما أن نمير بن أوس الأشعري قاضي دمشق تعد وروايته عن حذيفة مرسلة كما في تحفة التحصيل وغيره (1/ 329) وأما الإختلاف على أبي عبيدة فالراجح فيه ما رواه يحيى بن سعيد القطان، وهو ما رواه الإمام أحمد في الورع بإسناد صحيح، وأما ما رواه البزار فقد قال عقب تخريجه للحديث في مسنده (7/ 368) " وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن حذيفة مسندا إلا من هذا الوجه، وقد رواه غير علي بن غراب عن هشام عن محمد عن أبي عبيدة عن أبيه موقوفا"، وعلي بن غراب الفزاري الكوفي القاضي وإن كان الراجح في حاله ما قرره الحافظ في التقريب (1/ 404) بقوله: " صدوق وكان يدلس ويتشيع "، فإن بعض الأيمة قد تكلم فيه، كما قال الإمام محمد بن عبد الله بن نمير: كان علي بن غراب، يعرفونه بالسماع، وله أحاديث منكرة (1)، وهو أيضا مدلس ذكره الحافظ في المرتبة الثالثة في تعريف أهل التقديس (1/ 42) لكنه قد صرح بالتحديث.
وأما رواية عمر الموقوفة فالظاهر أن قتادة أراد الحكاية لا الرواية عن عمر رضي الله عنه، أي أراد حكاية وقعة لعمر لا الرواية عنه، وأيا كان الأمر فهو لم يدرك عمر رضي الله عنه، ولذا فالإسناد لا يصح عن عمر رضي الله عنه......"
وخلاصة الخلاصة عند السمهرى هى :
"والخلاصة أن الحديث ثابت من طريق ابن عمر فحسب، وصحت الجملة الأخيرة منه من حديث حذيفة موقوفا عليه، وقد أفرد الإمام ابن رجب رسالة-مطبوعة- في شرح هذا الحديث موسومة بـ (الحكم الجديرة بالإذاعة من قول النبي (ص) بعثت بالسيف بين يدي الساعة)"
والغريب هو أن الكتاب كله أسانيده علل وكلها فيها متكلم فيه ومع هذا حكم على الحديث بالصحة
ونجده فى الفقرة التالية يناقش أقوال من اظهروا فساد متن الحديث واسناده فقال :
"والآن سأعرج على ما جاء من كلام حول الحديث-من رواية ابن عمر رضي الله عنه- في تخريج المسند الذي حققه وخرج أحاديثه الشيخ شعيب الأرنؤوط وفريق من الباحثين معه، حيث جاء في التخريج (9/ 123): (إسناده ضعيف على نكارة في بعض ألفاظه. ابن ثوبان - وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان - اختلفت فيه أقوال المجرحين والمعدلين، فمنهم من قوى أمره، ومنهم من ضعفه، وقد تغير بأخرة، وخلاصة القول فيه أنه حسن الحديث إذا لم يتفرد بما ينكر، فقد أشار الإمام أحمد إلى أن له أحاديث منكرة، وهذا منها)
وهذا الكلام عليه مآخذ:
أولا: من المعلوم أن المحدثين قد انتقدوا متون كثير من الأحاديث وردوها لاعتبارات مقررة عندهم، إما لمخالفات هذه المتون لأصل من أصول الشريعة أو لأمر آخر، ومسألة نقد المتون معلومة عند النقاد وقد تكلم الإمام ابن القيم على شيء من ذلك في المنار المنيف، وليس ثمة إشكال في انتقاد المتن شريطة أن يكون الناقد من أهل العلم بالسنة العاملين بها، وأن يكون انتقاده مضبوطا بضوابط أهل العلم بالحديث لا وفق الأهواء، ولذا فما جاء في التخريج من القول: (على نكارة في بعض ألفاظه) كلام لا أدري على أي أساس قيل، فأين هذه النكارة المزعومة في الحديث؟؟؟ وما سبب النكارة حتى يتجه القول بها؟؟
فإن قال الشيخ شعيب: النكارة في المتن جاءت من كون النبي (ص) بعث بالرحمة ولم يبعث بالسيف
فالجواب على هذا الكلام من وجهين:
الوجه الأول: القول بنكارة متن حديث صح عن النبي (ص) لا يتأتى إلا عند تحقق تعارض أو مخالفة هذا المتن لمحكمات النصوص من الكتاب والسنة، وأما إذا كان ممكنا حمل النص على سياق لا يتعارض مع نصوص أخرى بحيث لا يفضي إلى الطعن في متن حديث صحيح فالقول بالجمع متجه، ويكون حينها القول بالنكارة محض تعنت أو دليل على قصور فقه المستنكر للنصوص الشرعية والجمع بينها، فقوله (ص): (بعثت بين يدي الساعة بالسيف) هل فيه أسلوب من أساليب الحصر في العربية حتى يكون معارضا لكون النبي (ص) بعث بالرحمة؟؟؟ الجمع متحقق بحمد الله ولا حاجة لنكارة متوهمة، ولله در الحافظ ابن رجب حين قال في رسالة (الحكم الجديرة بالإذاعة): (يعني أن الله بعثه داعيا إلى توحيده بالسيف بعد دعائه بالحجة، فمن لم يستجب إلى التوحيد بالقرآن والحجة والبيان دعي بالسيف، قال الله تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره بالغيب ورسله إن الله قوي عزيز)
وثمة سؤال أطرحه على من يرى نكارة لفظة (بعثت بين يدي الساعة بالسيف) وهو متعلق بما أخرجه الإمام أحمد وغيره من قوله (ص) بعدما غمزه المشركون بسيء القول: (تسمعون يا معشر قريش، أما والذي نفس محمد بيده، لقد جئتكم بالذبح)؟؟؟
هل جاء وبعث رسول الله (ص) بالذبح أم بالرحمة؟؟؟
وهل هذا اللفظ مستنكر أيضا أم يحمل على سياق لا يتعارض مع أنه (ص) بعث بالرحمة؟؟؟
وتجدر الإشارة إلى أن الشيخ شعيب ومن عمل معه في تخريج المسند قالوا عن هذا الحديث (11/ 611): (إسناده حسن، ابن إسحاق -وهو محمد- صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين ... ) فلم يشيروا إلى نكارة أو مخالفة مع أنه لا فرق بين قوله (ص): (لقد جئتكم بالذبح) وبين قوله (ص) (بعثت بين يدي الساعة بالسيف)؟؟؟
الوجه الثاني: الأئمة السابقون كلهم بلا مثنوية الذين تعرضوا للحديث لم أر واحدا منهم استنكر المتن أو لفظة من ألفاظه، وإنما من تكلم منهم في الحديث فقد قصر كلامه على الإسناد وتحديدا في ابن ثوبان، كما صنع الإمام الزيلعي في (نصب الراية) "
الخلاصة :
ان الحديث هو وقول العهد الجديد :
34 لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُرْسِيَ سَلاماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُرْسِيَ سَلاَماً، بَلْ سَيْفاً"
خرجا من مزور واحد زور الوحى الإلهى فى كلا الرسالتين
المؤلف أبي ذر السمهري اليماني والكتب مداره حديث بعثت بين يدى الساعة بالسيف وكونه صحيح عند السمهرى وفى مقدمته قال :
"فهذه دراسة موسعة لحديث رسول الله (ص): (بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم)."
والحديث ظاهر أنه مخالف لكتاب الله فيما يلى :
الأول بعثه مع الساعة والساعة لم تحدث بعد فكيف يعث مع الساعة ؟
وهو ما يخالف أنه لا يعلم الساعة إلا الله كما :
" لا يعلمها إلا هو "
الثانى البعث بالسيف والبعث إنما هو برسالة الله ككل وليس بجزء منها كما قال تعالى :
"وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ "
الثالث الرزق بالرمح وهو ما يخالف أن الرزق يأتى بوسائل مختلفة كالسير فى الأرض كما قال تعالى:
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ"
وتحدث عن رواة الحديث من الصحابة وغيرهم فقال :
"هذا الحديث روي عن ثلاثة من الصحابة ، عن ابن عمر و أبي هريرة وأنس بن مالك وجاء مرسلا عن طاوس بن كيسان و الحسن البصري رحمهما الله تعالى، وجاءت جملة منه في حديث عتبة بن عويم ومرسل مكحول الشامي وجاءت الجملة الأخيرة منه في حديث حذيفة مرفوعا وموقوفا، وعن عمر موقوفا.
أما رواية ابن عمر فقد أخرجها البخاري معلقا (4/ 40) - دون الجملة الأولى والأخيرة-، وقد روى عن ابن عمر أبو منيب الجرشي وعنه حسان بن عطية وعنه راويان:
أولهما: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، أخرج ذلك ابن أبي شيبة في مصنفه (4/ 212) وأحمد في مسنده (9/ 126) و أبو داود في السنن-مقتصرا على الجملة الأخيرة من الحديث - (4/ 44) حدثنا عثمان بن أبي شيبة، و أبو يعلى في مسنده-كما في إتحاف الخيرة المهرة- (4/ 484) ثنا زهير بن حرب، والبيهقي في شعب الإيمان (2/ 417) من طريق الحسن بن المكرم، والخطيب في الفقيه والمتفقه (2/ 142) نا أبو الحسين علي بن محمد المعدل وأنا الحسن بن أبي بكر , والذهبي في السير (12/ 86) من طريق محمد بن أحمد بن القاسم ثلاثتهم (المعدل و ابن أبي بكر و محمد بن أحمد) عن أبي عمر الزاهد محمد بن عبد الواحد , نا موسى بن سهل الوشاء ستتهم (ابن أبي شيبة و أحمد بن حنبل و عثمان بن أبي شيبة و زهير والحسن بن المكرم وموسى بن سهل) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، وأخرجه أحمد (9/ 123) حدثنا محمد بن يزيد يعني الواسطي، وأخرجه عبد بن حميد في مسنده-كما في المنتخب- (2/ 57) حدثنا سليمان بن داود الطيالسي، وأخرجه ابن الأعرابي في معجمه (2/ 576) -والبيهقي-من أحد طرقه- في شعب الإيمان (2/ 417) -نا إبراهيم بن معاوية القيسراني، والطبراني في مسند الشاميين-في أحد طرقه (1/ 135) حدثنا عمرو بن ثور الجذامي، و تمام في فوائده (1/ 318) -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 257) -من طريق أبي القاسم أخطل بن الحكم القرشي، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 76) من طريق عبد الله بن أبي مريم أربعتهم (القيسراني والجذامي وأخطل وابن أبي مريم) عن محمد بن يوسف الفريابي، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (13/ 317) وفي مسند الشاميين (1/ 135) -في أحد طرقه-حدثنا عبد الله بن محمد بن عزيز الموصلي عن غسان ابن الربيع، وأخرجه الطبراني أيضا في مسند الشاميين (1/ 135) -في أحد طرقه-حدثنا أبو زرعة الدمشقي، ثنا علي بن عياش الحمصي خمستهم كلهم (أبو النضر ومحمد بن يزيد والطيالسي والفريابي وابن الربيع والحمصي) عن ابن ثوبان عنه.
ثانيهما: الأوزاعي، واختلف عليه:
1 - فرواه صدقة السمين عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا، أخرج ذلك البزار في مسنده (15/ 104) حدثنا عمر بن الخطاب السجستاني، قال: حدثنا أبو حفص التنيسي وأخرجه أبو ذر الهروي في ذم الكلام وأهله (3/ 118) والذهبي في السير (16/ 242) من طريق دحيم كلاهما (أبو حفص ودحيم) عن عمرو بن أبي سلمة، قال: حدثنا صدقة به.
2 - ورواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن عبد الله بن عمر مرفوعا، أخرج ذلك الطبراني في الكبير (13/ 318) حدثنا موسى بن سهل أبو عمران الجوني ثنا هشام ابن عمار، والطحاوي في مشكل الآثار (1/ 213) حدثنا أبو أمية حدثنا محمد بن وهب بن عطية، و أخرج ذلك ابن حذلم في جزء من حديث الأوزاعي (1/ 14) من طريق هشام بن عمار، وعمرو بن عثمان، وكثير بن عبيد كلهم (ابن وهب وهشام وعمرو وكثير) قالوا: حدثنا الوليد بن مسلم به.
3 - ورواه ابن المبارك والثوري وابن يونس كلهم عن الأوزاعي عن سعيد بن جبلة عن طاوس مرسلا للنبي (ص).
أما رواية ابن المبارك فقد أخرجها في الجهاد له (1/ 89) من طريق ابن رحمة، وأخرجها القضاعي في مسند الشهاب (1/ 244) من طريق علي بن معبد-مختصرا-كلاهما (ابن رحمة وابن معبد) عن ابن المبارك به.
أما رواية الثوري فقد أخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 470) حدثنا وكيع عن سفيان به، وأما رواية ابن يونس فقد أخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 470) عن ابن يونس به.
وأما رواية أنس بن مالك فقد أخرجها الهروي في ذم الكلام (3/ 120) من طريق الحسين بن محمد بن عفير، وأبو نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان (1/ 165) من طريق أحمد بن محمود بن صبيح كلاهما (الحسين وأحمد) عن الحجاج بن يوسف بن قتيبة حدثنا بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس مرفوعا.
أما رواية عتبة بن عويم فأخرجها العقيلي في الضعفاء (3/ 329) والبغوي في معجم الصحابة (4/ 487) وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 174) كلهم عن محمد بن طلحة التيمي قال: حدثني عبد الرحمن بن سالم بن عبد الرحمن بن عتبة بن عويم بن ساعدة، عن أبيه، عن جده قال: قال النبي (ص): «إن الله تبارك وتعالى بعثني بالهدى ودين الحق، ولم يجعلني زراعا ولا تاجرا ولا صخابا في الأسواق، وجعل رزقي في ظل رمحي»
وأما مرسل مكحول فقد أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 222) قال حدثنا وكيع نا سفيان، وأخرجه يحيى بن آدم في الخراج (1/ 76) قال: حدثنا قيس كلاهما (سفيان وقيس بن الربيع) عن برد أبي العلاء، عن مكحول قال: قال رسول الله (ص): " جعل رزق هذه الأمة في سنابك خيلها، وأزجة رماحها، ما لم يزرعوا، فإذا زرعوا كانوا من الناس "
أما حديث حذيفة ، فقد رواه عنه راويان:
أولهما: نمير بن أوس
أخرج ذلك الطبراني في مسند الشاميين (3/ 94) حدثنا عمرو بن إسحاق ثنا أبي ثنا عمرو بن الحارث ثنا عبد الله بن سالم-الأشعري- عن الزبيدي ثنا نمير به مرفوعا.
ثانيهما: أبو عبيدة بن حذيفة رضي الله عنه، واختلف عليه
فرواه يحيى بن سعيد القطان عنه موقوفا.
أخرج ذلك الإمام أحمد في الورع (1/ 190) عن يحيى بن سعيد عن أبي عبيدة به، إلا أن فيه (دعي حذيفة إلى شيء قال فرأى شيئا من زي الأعاجم قال فخرج وقال من تشبه بقوم فهو منهم)ورواه محمد بن سيرين عنه مرفوعا.
أخرج ذلك البزار في مسنده (7/ 368) والطبراني في " المعجم الأوسط " (8/ 179) حدثنا موسى بن زكريا كلاهما (البزار وابن زكريا) عن محمد بن مرزوق قال أخبرنا: عبد العزيز بن الخطاب قال: أخبرنا علي بن غراب قال: أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين به.
وأما رواية عمر الموقوفة، فقد أخرجها معمر بن راشد في جامعه (11/ 453) عن قتادة أن عمر بن الخطاب رأى رجلا قد حلق قفاه ولبس حريرا، فقال: " من تشبه بقوم فهو منهم "
والملاحظ أن هناك تناقض بين الروايات فى سبب الرزق فمرة الرماح ومرة سنابك الخير
وتحدث عن علل الأسانيد فقال :
"دراسة الأسانيد:
أولا: الراجح في الإختلاف على الأوزاعي
رجح الإمام الدارقطني أن المحفوظ عن الأوزاعي ما رواه الوليد بن مسلم ولكن الذي يظهر أن المحفوظ عن الأوزاعي هو عن سعيد بن جبلة عن طاوس مرسلا للنبي (ص)، لكون من روى ذلك أكثر وأثبت، وقد رجح هذا الإمام عبد الرحمن بن إبراهيم-دحيم-كما في العلل لابن أبي حاتم (3/ 388) ورجحه البزار في مسنده (15/ 104) حيث قال بعد أن أخرج رواية صدقة السمين الموصولة: (وهذا الحديث قد خولف صدقة في إسناده فرواه غيره عن الأوزاعي بغير هذا الإسناد مرسلا ولم يتابع صدقة على روايته هذه عن الأوزاعي بهذا الإسناد).
ثانيا: الحكم على إسناد حديث ابن عمر وأبي هريرة وأنس رضي الله عنهم ومرسل طاوس والحسن و حديث عتبة بن عويم ومرسل مكحول الشامي رحمهم الله تعالى وحديث حذيفة ورواية عمر الموقوفة
أما حديث ابن عمر ففيه أبو منيب الجرشي وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، فأما أبو منيب فقد وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 564) وقال عنه ابن عبد البر في التمهيد (11/ 76) ليس به باس، ووثقه الذهبي في الكاشف (2/ 464) والحافظ في التقريب (1/ 667)، وأما عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان فسأتوسع بتوفيق الله في شأنه لكون من لا دراية له بفن الجرح والتعديل قد تكلم فيه دون إدراك واستجماع لأقول النقاد فيه، وهاك أخي الموحد أقوال الأئمة واحدا بعد الآخر:
تحرير قول الإمام أحمد
قال الأثرم عن أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير.
وقال محمد بن علي الوراق، عن أحمد بن حنبل: لم يكن بالقوي في الحديث.
وقال أبو بكر المروذي، عن أحمد بن حنبل: كان عابد أهل الشام، وذكر من فضله قال: لما قدم به دخل على ذاك الذي يقال له المهدي، وابنته على عنقه.
قلت: نستطيع الجمع بين روايتي الأثرم والوراق وهما الروايتان المتعلقتان بالرواية وأما رواية المروذي فهي في أمر العبادة التي لا شأن لها بضبط الرواي وذلك بأن تحمل رواية الأثرم على أحاديث بعينها استنكرها الإمام أحمد، وأما الحكم العام على ابن ثوبان فهي رواية ابن الوراق والتي لا تدل على التضعيف المطلق وإنما تدل على تليين لحديث الراوي وعدم بلوغ من قيلت فيه الدرجة العليا من الحفظ، قال عبد الله بن أحمد في (العلل ومعرفة الرجال) (1/ 384): (سألت أبي عن فرقد السبخي فقال: ليس هو بقوي في الحديث، قلت: هو ضعيف؟ قال: ليس هو بذاك؛ وسألته عن هشام بن حجير؟ فقال: ليس هو بالقوي؛ قلت: هو ضعيف؟ قال: ليس هو بذاك)
فإن قال قائل في محاولة لتأويل عبارة الإمام أحمد بما لا يجعلها عبارة جرح: هل يمكن حمل النكارة في كلام الإمام أحمد على معنى التفرد؟
فالجواب: أن المنكر عند النقاد من مصطلحات رد الحديث وعدم قبوله، فالمنكر عند قدامى المحدثين لا يقتصر على المخالفة فحسب بل إنهم يطلقونه على تفردات بعض الرواة بما لا يحتمل منهم أن يتفردوا به، فالمنكر عند القدامى باختصار هو الخطأ الذي يستفحشه الناقد، وهو أمر نسبي فما يستفحشه ناقد قد لا يستفحشه ناقد آخر، والمنكر ليس مرادفا للخطأ بل هو خطأ أشد ودلالة اللغة تؤيد هذا المعنى، وعلى هذا التقرير الذي قرره بعض الباحثين المعاصرين استقراء لمصطلح المنكر عند النقاد، وبدلالة اللغة أيضا لا يتأتى القول بأن الأئمة-ومنهم الإمام أحمد- يطلقون المنكر ويريدون به مطلق التفرد مع القبول، كيف ودلالة اللغة تأبى ذلك؟؟ ومن المعلوم أن ثمة ارتباطا بين المعنى اللغوي للمصطلح وبين معناه العرفي عند أهل الفن، وهذا أمر لا ينبغي إغفاله.
فقول الإمام أحمد (أحاديثه مناكير) يدل على أن الإمام أحمد يرى-وهذا اجتهاد منه- أن أحاديث ابن ثوبان أخطاء مستفحشة لا أن الإمام يرى أحاديثه مفاريد مقبولة، ولو سلمنا جدلا بأن مراد الإمام أحمد أن أحاديث ابن ثوبان مفاريد فإن هذا لا يعفي ابن ثوبان من المذمة، لأن هذا يعني أن روايات ابن ثوبان تفتقد إلى متابعة الثقات؟؟ ومن تأمل كلام ابن عدي في الكامل يجده في مواطن ينعت الرواة الضعفاء بكون عامة رواياته أو بعضها لا يتابعه عليها الثقات، هذا ما يقتضيه الإنصاف عند تناول عبارة النقاد في الجرح والتعديل. لكن هناك محمل آخر لقول الإمام أحمد (أحاديثه مناكير) وهو أن أحمد كما هو معلوم من الأئمة الموصوفين بالاعتدال في باب الجرح والتعديل، لكن لا يعني وصف الإمام بالإنصاف اعتماد حكمه مطلقا وأنه لا يتشدد، كما لا يعني وصف إمام آخر بالتشديد عدم الاعتداد بتجريحه، ولا وصف آخر بالتساهل عدم الاعتداد بتعديله، إنما هذه الأوصاف يستعان بها كقرينة من قرائن الترجيح عند تعارض النصوص المنقولة عن الأئمة في الجرح والتعديل، قال العلامة المعلمي في مقدمة الفوائد المجموعة: (ما اشتهر من أن فلانا من الأئمة مسهل وفلانا متشدد ليس على إطلاقه، فإن منهم من يسهل تارة ويشدد تارة، بحسب أحوال مختلفة. ومعرفة هذا وغيره من صفات الأئمة التي لها أثر في أحكامهم لا تحصل إلا باستقراء بالغ لأحكامهم، مع التدبر التام)، ولذا فقول الإمام أحمد عن ابن ثوبان (أحاديثه مناكير) أرى أنه تشدد منه في مقابل قوله (لم يكن بالقوي في الحديث)، بقرينة عدم موافقة غيره من النقاد المنصفين كابن المديني وأبي زرعة وأبي داود-تلميذ الإمام أحمد- على ما جاء في رواية الأثرم، بل مع مخالفة المتعنتين في التوثيق له كأبي حاتم الرازي الذي وثق ابن ثوبان كما سيأتي.
قول ابن معين
1 - رواية ابن الحنيد
عن ابن معين: صالح، وقال في موضع آخر: ضعيف
2 - رواية الدوري
عن يحيى بن معين: ليس به بأس
3 - رواية معاوية بن صالح والدارمي وعبد الله بن شعيب الصابوني
عن يحيى بن معين: ضعيف.
زاد معاوية: فقلت: يكتب حديثه؟. قال: نعم على ضعفه، وكان رجلا صالحا.
4 - رواية ابن أبي خيثمة
عن يحيى بن معين: لا شيء.
هذه هي الروايات المنقولة عن ابن معين في شأن ابن ثوبان، وكل النقلة عن ابن معين معروفون فمنهم بغاددة ومنهم غير بغاددة سوى عبد الله بن شعيب الصابوني فلم أجد له ترجمة، ولعل الراجح من هذه الروايات هي رواية الدوري لأمرين:
أولا: هو أكثر من لازم ابن معين من تلاميذه حتى أنه صاحب ابن معين في بعض أسفاره
ثانيا: رواية الدوري تتوافق مع أقوال جمهور النقاد لاسيما أقران ابن معين في العلم والطبقة كابن المديني والفلاس، وقد أدخل الإمام ابن شاهين ابن ثوبان في كتاب (ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه) (1/ 43)، وقال بعد أن روى عن ابن معين أنه قال عنه: نزل الشام وما ذكره إلا بخير، ثم ذكر رواية المفضل بن غسان عن يحيى قوله في ابن ثوبان: ليس بشيء، قال ابن شاهين: وهذا القول من يحيى بن معين يوجب التوقف في ابن ثوبان، لأن سكوته عن إطرائه وتوثيقه لا يقضي على تضعيفه)
علي بن المديني لا بأس به
العجلي لا بأس به.
تحرير قول أبي زرعة الرازي "شامي لا بأس به"
فإن قال قائل أليس في تهذيب التهذيب (6/ 151) أن أبا زرعة قال عن ابن ثوبان (لين)؟؟ فهل هو قول آخر له؟؟
قلت: الظاهر أن الذي في تهذيب التهذيب وهم من الناسخ أو الحافظ ابن حجر والدليل على ذلك:
أولا: أن تهذيب الكمال الذي هو أصل تهذيب التهذيب لم يذكر سوى قول أبي زرعة (لا بأس به)، ولو كان الحافظ قد وقف على نص آخر لأبي زرعة قال فيه عن ابن ثوبان (لين) لجعله في الزيادات من بعد (قلت)، كما أشار الحافظ نفسه إلى ذلك في مقدمة تهذيب التهذيب حيث قال (1/ 5): (وما زدته في أثناء التراجم قلت في أوله: "قلت", فجميع ما بعد قلت فهو من زيادتي إلى آخر الترجمة)
ثانيا: قول أبي زرعة قرن بمن لا يقول بتليين ابن ثوبان، فقد جاء في الطبعة الهندية (6/ 151) (وقال الدوري عن ابن معين والعجلي وأبو زرعة الرازي لين) وقد سبق معنا أن قول ابن معين-رواية الدوري- والعجلي في ابن ثوبان هو لا بأس به، فكيف يكون هؤلاء الأئمة الثلاثة ممن يقولون بتليين ابن ثوبان؟؟
ثالثا: بحثت في مظان أقوال أبي زرعة النقدية فلم أجد إلا ما في كتاب الجرح والتعديل وهو ما ذكره المزي في تهذيب الكمال.
وعليه فتليين أبي زرعة غير ثابت بدليل ما سبق، وبهذا تعلم أن ما ذهب إليه الدكتور سعدي الهاشمي من أن ابن ثوبان من الرواة الذين وثقهم وجرحهم أبو زرعة فيه نظر وأن الصواب هو أن أبا زرعة ممن يرى أن ابن ثوبان لا بأس به."
وبعد ان انتهى من ألسانيد انتهى إلى الخلاصة التالية :
".......
الخلاصة مما سبق: هو أن جمهور النقاد على أن ابن ثوبان مقبول الرواية ممن يحتج بحديثه، وأما ما وقع في حديثه من بعض المنكرات فليس من شرط من تقبل روايته ألا يقع منه ذلك، كما أن ثمة من الرواة من روى عن ابن ثوبان المناكير ولا يتحمل ابن ثوبان تبعتها إنما تبعتها على من رواها عنه، كالوليد بن الوليد العنسي الذي روى عن ابن ثوبان الموضوعات كما نص على ذلك الحاكم هذا فيما يتعلق بالرواية، وأما مذهبه العقدي فالأئمة المتقدمون لم يرموه بغير القدر كما سبق، وأما رميه بشيء من الخارجية فلم أره إلا عند الإمام الذهبي رحمه الله تعالى، والذهبي لم يقل بأنه خارجي بل كلامه ظاهر في أن ابن ثوبان قد وافق الخوارج في بعض ما يذهبون إليه، ولعل تبني ابن ثوبان لهذا الأمر كان في وقت ما من حياته ثم تاب إلى الله وأناب، لا أنه بقي عليه إلى آخر حياته لأن الأئمة المتقدمين لم يشيروا إلى ذلك وإنما أشاروا إلى القدر كما أسلفت، وعليه فإسناد هذا الحديث من رواية ابن عمر لا بأس به: وهناك من صححه من الأئمة:
1 - قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في إقتضاء الصراط المستقيم
(1/ 269): " إسناد جيد "،
2 - وقال عنه العراقي في المغني عن حمل الأسفار (1/ 505) (إسناده صحيح).
3 - وقال عنه الذهبي في السير (15/ 509) (إسناده صالح).
4 - وممن يرى ثبوت الحديث الحافظ ابن رجب فقد شرحه في رسالة-مطبوعة- بعنوان (الحكم الجديرة بالإذاعة).
5 - وقال الحافظ ابن حجر: (أخرجه أبو داود بسند حسن)
وقد صحح الحديث من رواية ابن عمر اثنان من المعاصرين:
6 - العلامة أحمد شاكر في تخريجه للمسند.
7 - وحسنه المحدث الألباني في الإرواء (5/ 109)
وأما رواية أبي هريرة فهي من منكرات صدقة بن عبد الله السمين وهو ضعيف كما قاله الذهبي في الكاشف (1/ 502) والحافظ في التقريب (1/ 275) ولذا قال دحيم عن رواية صدقة (هذا الحديث ليس بشيء) (2)، وأما رواية أنس بن مالك فجاءت بإسناد ضعيف جدا، لأن فيه بشر بن حسين، مجمع على ضعفه وقال عنه الدارقطني في (الضعفاء والمتروكون) (1/ 159): (متروك، عن الزبير بن عدي، بواطيل، وله عنه نسخة موضوعة).
وأما حديث عتبة بن عويم فقد ضعفه البخاري وأبو حاتم الرازي والذهبي
وأما حديث حذيفة فإسناد الطبراني في مسند الشاميين ضعيف، لأن فيه إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زبريق، قال الحافظ في التقريب (1/ 99): (صدوق يهم كثيرا، وأطلق محمد ابن عوف أنه يكذب)، وفيه عمرو بن الحارث، قال عنه الإمام الذهبي: (غير معروف العدالة) (4)، كما أن نمير بن أوس الأشعري قاضي دمشق تعد وروايته عن حذيفة مرسلة كما في تحفة التحصيل وغيره (1/ 329) وأما الإختلاف على أبي عبيدة فالراجح فيه ما رواه يحيى بن سعيد القطان، وهو ما رواه الإمام أحمد في الورع بإسناد صحيح، وأما ما رواه البزار فقد قال عقب تخريجه للحديث في مسنده (7/ 368) " وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن حذيفة مسندا إلا من هذا الوجه، وقد رواه غير علي بن غراب عن هشام عن محمد عن أبي عبيدة عن أبيه موقوفا"، وعلي بن غراب الفزاري الكوفي القاضي وإن كان الراجح في حاله ما قرره الحافظ في التقريب (1/ 404) بقوله: " صدوق وكان يدلس ويتشيع "، فإن بعض الأيمة قد تكلم فيه، كما قال الإمام محمد بن عبد الله بن نمير: كان علي بن غراب، يعرفونه بالسماع، وله أحاديث منكرة (1)، وهو أيضا مدلس ذكره الحافظ في المرتبة الثالثة في تعريف أهل التقديس (1/ 42) لكنه قد صرح بالتحديث.
وأما رواية عمر الموقوفة فالظاهر أن قتادة أراد الحكاية لا الرواية عن عمر رضي الله عنه، أي أراد حكاية وقعة لعمر لا الرواية عنه، وأيا كان الأمر فهو لم يدرك عمر رضي الله عنه، ولذا فالإسناد لا يصح عن عمر رضي الله عنه......"
وخلاصة الخلاصة عند السمهرى هى :
"والخلاصة أن الحديث ثابت من طريق ابن عمر فحسب، وصحت الجملة الأخيرة منه من حديث حذيفة موقوفا عليه، وقد أفرد الإمام ابن رجب رسالة-مطبوعة- في شرح هذا الحديث موسومة بـ (الحكم الجديرة بالإذاعة من قول النبي (ص) بعثت بالسيف بين يدي الساعة)"
والغريب هو أن الكتاب كله أسانيده علل وكلها فيها متكلم فيه ومع هذا حكم على الحديث بالصحة
ونجده فى الفقرة التالية يناقش أقوال من اظهروا فساد متن الحديث واسناده فقال :
"والآن سأعرج على ما جاء من كلام حول الحديث-من رواية ابن عمر رضي الله عنه- في تخريج المسند الذي حققه وخرج أحاديثه الشيخ شعيب الأرنؤوط وفريق من الباحثين معه، حيث جاء في التخريج (9/ 123): (إسناده ضعيف على نكارة في بعض ألفاظه. ابن ثوبان - وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان - اختلفت فيه أقوال المجرحين والمعدلين، فمنهم من قوى أمره، ومنهم من ضعفه، وقد تغير بأخرة، وخلاصة القول فيه أنه حسن الحديث إذا لم يتفرد بما ينكر، فقد أشار الإمام أحمد إلى أن له أحاديث منكرة، وهذا منها)
وهذا الكلام عليه مآخذ:
أولا: من المعلوم أن المحدثين قد انتقدوا متون كثير من الأحاديث وردوها لاعتبارات مقررة عندهم، إما لمخالفات هذه المتون لأصل من أصول الشريعة أو لأمر آخر، ومسألة نقد المتون معلومة عند النقاد وقد تكلم الإمام ابن القيم على شيء من ذلك في المنار المنيف، وليس ثمة إشكال في انتقاد المتن شريطة أن يكون الناقد من أهل العلم بالسنة العاملين بها، وأن يكون انتقاده مضبوطا بضوابط أهل العلم بالحديث لا وفق الأهواء، ولذا فما جاء في التخريج من القول: (على نكارة في بعض ألفاظه) كلام لا أدري على أي أساس قيل، فأين هذه النكارة المزعومة في الحديث؟؟؟ وما سبب النكارة حتى يتجه القول بها؟؟
فإن قال الشيخ شعيب: النكارة في المتن جاءت من كون النبي (ص) بعث بالرحمة ولم يبعث بالسيف
فالجواب على هذا الكلام من وجهين:
الوجه الأول: القول بنكارة متن حديث صح عن النبي (ص) لا يتأتى إلا عند تحقق تعارض أو مخالفة هذا المتن لمحكمات النصوص من الكتاب والسنة، وأما إذا كان ممكنا حمل النص على سياق لا يتعارض مع نصوص أخرى بحيث لا يفضي إلى الطعن في متن حديث صحيح فالقول بالجمع متجه، ويكون حينها القول بالنكارة محض تعنت أو دليل على قصور فقه المستنكر للنصوص الشرعية والجمع بينها، فقوله (ص): (بعثت بين يدي الساعة بالسيف) هل فيه أسلوب من أساليب الحصر في العربية حتى يكون معارضا لكون النبي (ص) بعث بالرحمة؟؟؟ الجمع متحقق بحمد الله ولا حاجة لنكارة متوهمة، ولله در الحافظ ابن رجب حين قال في رسالة (الحكم الجديرة بالإذاعة): (يعني أن الله بعثه داعيا إلى توحيده بالسيف بعد دعائه بالحجة، فمن لم يستجب إلى التوحيد بالقرآن والحجة والبيان دعي بالسيف، قال الله تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره بالغيب ورسله إن الله قوي عزيز)
وثمة سؤال أطرحه على من يرى نكارة لفظة (بعثت بين يدي الساعة بالسيف) وهو متعلق بما أخرجه الإمام أحمد وغيره من قوله (ص) بعدما غمزه المشركون بسيء القول: (تسمعون يا معشر قريش، أما والذي نفس محمد بيده، لقد جئتكم بالذبح)؟؟؟
هل جاء وبعث رسول الله (ص) بالذبح أم بالرحمة؟؟؟
وهل هذا اللفظ مستنكر أيضا أم يحمل على سياق لا يتعارض مع أنه (ص) بعث بالرحمة؟؟؟
وتجدر الإشارة إلى أن الشيخ شعيب ومن عمل معه في تخريج المسند قالوا عن هذا الحديث (11/ 611): (إسناده حسن، ابن إسحاق -وهو محمد- صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين ... ) فلم يشيروا إلى نكارة أو مخالفة مع أنه لا فرق بين قوله (ص): (لقد جئتكم بالذبح) وبين قوله (ص) (بعثت بين يدي الساعة بالسيف)؟؟؟
الوجه الثاني: الأئمة السابقون كلهم بلا مثنوية الذين تعرضوا للحديث لم أر واحدا منهم استنكر المتن أو لفظة من ألفاظه، وإنما من تكلم منهم في الحديث فقد قصر كلامه على الإسناد وتحديدا في ابن ثوبان، كما صنع الإمام الزيلعي في (نصب الراية) "
الخلاصة :
ان الحديث هو وقول العهد الجديد :
34 لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُرْسِيَ سَلاماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُرْسِيَ سَلاَماً، بَلْ سَيْفاً"
خرجا من مزور واحد زور الوحى الإلهى فى كلا الرسالتين
أمس في 10:04 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى تفسير سورة الإخلاص
الأربعاء أكتوبر 30, 2024 9:47 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى محاضرة المسيح(ص) وأمه معالم وبراهين
الثلاثاء أكتوبر 29, 2024 9:58 pm من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى تفسير قوله تعالى (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)
الإثنين أكتوبر 28, 2024 9:56 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى بحث النظريات الحديثة في الإدارة المدرسية
الأحد أكتوبر 27, 2024 10:40 pm من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى كتاب الشيعة وعقيدة تأليه الائمة
السبت أكتوبر 26, 2024 9:49 pm من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى بحث الشهاب الثاقب في الرد على من افترى على الصحابي حاطب
الجمعة أكتوبر 25, 2024 9:51 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات في الرد على الرافضة في اتهامهم الصحابة وأهل السنة بتحريف القرآن
الخميس أكتوبر 24, 2024 9:38 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى كتاب آل البيت منزلتهم خصائصهم
الأربعاء أكتوبر 23, 2024 9:55 pm من طرف رضا البطاوى