قراءة فى كتاب التربية العقائدية للمؤمنين في سورة الإخلاص
الكتاب من تأليف بشرى سيد محمد آجيور وهى من ماليزيا من أهل العصر وقد استهلت الكتاب بالتعاريف الثلاثة الأساسية الواردة فى العنوان وهى التربية والعقيدة والإخلاص فقالت:
"المطلب الأول: مفهوم التربية
إن الحديث عن التربية له الأثر البالغ في تقدم ورقي وإصلاح أي أمة، وهي الوسيلة الأكبر لتهذيب النفوس وتقويمها، وبناء أجيال صالحة، ولذا فإن أول ما أسسه (ص) عندما أراد بناء الأمة وإنقاذها من التخلف والجهل الذي ألم بها، هو وضع الأسس الأولى للتربية ولكن وفق منظور إسلامي بحت مستمد من الكتاب والسنة، وبذلك صنع مجتمعا فريدا، ونموذجا رائعا من بين كل المجتمعات التي عاصرت المجتمع الإسلامي آنذاك وإذا أردنا تعريف التربية لغة: نجد أنها مأخوذة من ربا الشيء يربوا ربوا ورباء زاد ونما، ورباه تربية وترباه أي غذاه، ..ويمكن أن نقول أن معنى التربية لغة تدور حول الرعاية والمحافظة والسياسة والعلم والتنمية والزيادة والنشأة والترعرع.
أما التربية اصطلاحا: فلقد عرف التربويون والمصلحون التربية بتعاريف عدة، منها: هي عملية إنسانية النزعة، ذاتية المنطلق، اجتماعية المحتوى، وهي طريقة الحياة، أو الحياة ذاتها وعرفها غيره بانها: عملية تقويم وتوجيه لسلوك الإنسان، هدفها تطبيق المنهج الإلهي بالاستعانة بالوسائل والطرق التي حددها المنهج نفسه وقيل هي: تنمية جوانب شخصية الإنسان على أن تتمثل كل هذه الجوانب في انسجام وتكامل، تتوحد معه طاقات الإنسان وتتضافر جهوده لتحقيق هدف واحد، تتفرع عنه وتعود إليه جميع الجهود والتصورات وضروب السلوك ونبضات الوجدان ويمكن تعريفها بأنها إحداث تغيير في سلوك الفرد في الاتجاه المرغوب فيه من وجهة نظر الإسلام"
مما سبق نجد أن الكاتبة فعلت ما يفعل دوما فى البحوث الجامعية وهى نقل التعاريف المختلفة للكلمة مع الحرص أولا على نقل المعانى اللغوية ثم بعد هذا الاصطلاحات وكل هذا التقليد الجامعى أو البحثى غير مفيد فالقارىء لا يستفيد شيئا من تلك التعاريف المختلفة وإنما هو يريد تعريفا واضحا بسيطا فالتربية هى تنمية الطفل جسديا ونفسيا بمعنى إطعامه وتدريبه رياضيا كى ينمو الجسم ونفسيا بمعنى تعليمه دينه ومن خلال دينه يتعلم كل شىء مما نسميه علوما أو غيرها والتربية عماية مشتركة بين كل أفراد المجتمع المسلم وتكون فى فترة الصغر كما قال تعالى " وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا"
وتناولت الباحثة مفهوم العقيدة فقالت:
"المطلب الثاني: مفهوم العقيدة
{قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون}
العقيدة في اللغة:
كلمة العقيدة مأخوذة من مادة عقد وهي من العقد، والتوثيق، والإحكام، والربط بقوة، تقول العرب: أعتقد الشيء؛ صلب واشتد، واعتقد بمعنى اقتنى، ... وعقد قلبه على الشيء: لزمه. ..قال تعالى: {والذين عقدت أيمانكم} أي: أكدت ووثقت، فالعقيدة ما انعقد عليه القلب واستمسك به، وتعذر تحويله عنه، لا فرق في ذلك بين ما كان راجعا إلى تقليد أو وهم، وما كان راجعا إلى دليل عقلي وفي كتاب محيط المحيط: اعتقد بالشيء: صدقه، وعقد عليه قلبه وضميره وتدين به وهكذا نجد أن مدار كلمة (العقيدة) في اللغة يدل على اللزوم والتأكد والاستيثاق والعزم المؤكد والنية وما يدين به الإنسان.
أما في الاصطلاح:
فهي مجموعة من قضايا الحق البديهية المسلمة بالعقل والسمع والفطرة، يعقد عليها الإنسان قلبه، ويثني عليها صدره جازما بصحتها، قاطعا بوجودها وثبوتها، فإذا كان هذا الإيمان الجازم والحكم القاطع صحيحا كانت العقيدة صحيحة، كاعتقاد أهل السنة والجماعة، وإن كان باطلا كانت العقيدة باطلة كاعتقاد فرق الضلال.
يقول ابن تيمية: إن العقائد هي الأمور التي تصدق بها النفوس، وتطمئن إليها القلوب، ويكون يقينا عند أصحابها لا يمازجها ريب ولا يخالطها شك."
العقيدة كلمة غير قرآنية اخترعها البعض للتعبير عن الإيمان ولذا ذكرت الباحثة آية الإيمان فى بداية التعريف ومن ثم يجب أن يعدل القوم عن تعريفهم إلى كلام الله فالإيمان يشمل كل شىء أمر الله بالإيمان به فى الوحى المنزل والخطأ فى التعريف هو :
أن القضايا المؤمن به المسلم بديهيات مسلم بها فالإيمان مطلوب بناء على التفكير وليس على الأخذ بالقول دون تفكير ولذا قال تعالى " ويتفكرون فى خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا "
ومن ثم طلب إبراهيم(ص) مثلا البرهان على البعث للاطمئنان على الإيمان كما أنه فكر فى صفات الإله فرفض الإيمان بكون الشمس والقمر آلهة لأنهم يغيبون ومن ثم فالله لا يريد مؤمنين يصدقون بلا أى تفكير
وتعرضت الباحثة لمفهوم الإخلاص فقالت:
المطلب الثالث: مفهوم الإخلاص
الإخلاص هو حقيقة الدين، ولب العبادة وروحها، ومفتاح دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو أساس قبول الأعمال وردها.
وأصل الإخلاص في اللغة:
خلص الشيء، بالفتح، يخلص خلوصا وخلاصا إذا كان قد نشب ثم نجا وسلم. وأخلصه وخلصه وأخلص لله دينه: أمحضه. وأخلص الشيء: اختاره، وقرئ: {إلا عبادك منهم المخلصين} ، والمخلصين؛ قال ثعلب: يعني بالمخلصين الذين أخلصوا العبادة لله تعالى، وبالمخلصين الذين أخلصهم الله عز وجل. وقال الزجاج: وقوله: {واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا} ، وقرئ مخلصا، والمخلص: الذي أخلصه الله جعله مختارا خالصا من الدنس، والمخلص: الذي وحد الله تعالى خالصا ولذلك قيل لسورة: {قل هو الله أحد} ، سورة الإخلاص؛ قال ابن الأثير: سميت بذلك لأنها خالصة في صفة الله تعالى وتقدس، أو لأن اللافظ بها قد أخلص التوحيد لله عز وجل، فكلمة الإخلاص كلمة التوحيد.
والإخلاص اصطلاحا:
يعني صدق العبد في توجهه إلى الله اعتقادا وعملا، قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} لذا فإن الإخلاص في القول والعمل، أساس القبول عند الله، قال ابن القيم: "الإخلاص هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة أي إفراد الله عز وجل بأن نقصده في طاعتنا وعبادتنا"، وذكر في تعريف ثاني: "الإخلاص هو تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين" "
والإخلاص يعنى التوحيد يعنى عبادة الله وحده يعنى تسبيح الله يعنى تقوى الله ....وكله معناه واحد وهو الإيمان بالوحى والعمل به ولذا كرر الله كثيرا الذين أمنوا وعملوا الصالحات
وتعرضت الباحثة افائدة التربية الإيمانية فقالت:
"المطلب الرابع: أهمية التربية العقدية للإنسان
إن العقيدة أيا كانت هذه العقيدة تعد ضرورة من ضروريات الإنسان التي لا غنى له عنها؛ ذلك أن الإنسان بحسب فطرته يميل إلى اللجوء إلى قوة عليا يعتقد فيها القوة الخارقة والسيطرة الكاملة عليه وعلى المخلوقات من حوله، وهذا الاعتقاد يحقق له الميل الفطري للتدين ويشبع نزعته تلك، فإذا كان الأمر كذلك فإن أولى ما يحقق ذلك هو الاعتقاد الصحيح الذي يوافق تلك الفطرة ويحترم عقل الإنسان ومكانته في الكون، وهذا ما جاءت به العقيدة الإسلامية فالعقيدة الإسلامية والدين الإسلامي بناء متكامل، يشمل جميع حياة المسلم منذ ولادته وحتى مماته، ثم ما يصير إليه بعد موته، وهذا البناء الضخم يقوم على أساس متين، هو العقيدة الإسلامية التي تتخذ من وحدانية الخالق - جل وعلا - منطلقا لها؛ كما قال ربنا تبارك وتعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} ، وقال تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} وبعث رسول الله - (ص) - بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وكانت مهمته الأولى ترسيخ العقيدة، وتأصيلها في النفوس؛ فهي القضية الكبرى والرئيسة.
فالعقيدة هي القاعدة الأساسية لإقامة هذا الدين وهي الأساس، والعبادة هي البناء القائم على أصل العقيدة: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} ؛ لأن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر يترتب عليه الانقياد له فيما اختاره ورضيه، وفيما أمر به، وما نهى عنه فالعقيدة هي قضية الإنسان التي لا تتغير؛ لأنها قضية وجوده في هذا الكون، وقضية مصيره، وقضية علاقته بخالق هذا الكون بكل ما فيه من الأحياء، ولذا بعث رسول الله - (ص) - بهذا الدين الذي يعمل على بناء الأخلاق التي لا تقوم إلا على أساس من العقيدة التي تضع الموازين، وتحدد القيم، وتقرر السلطة التي تعتمد عليها هذه الموازين والقيم، وبدون هذه العقيدة تظل القيم والأخلاق كلها متأرجحة بلا ضابط؛ لأن بالعقيدة الحقة يتطهر المجتمع من الظلم الاجتماعي بجملته، وقد قام النظام الإسلامي بعدل لا يعرف الظلم، وبميزان قسط لا يعرف الجور، ورفع راية الإسلام، وطهر النفوس، وزكى الأخلاق، ونقى القلوب والأرواح؛ لأن الرقابة قامت على رسوخ العقيدة وقوة الإيمان، ولأن الطمع في رضا الله وثوابه، والخوف من غضبه وعقابه قد قامت كلها مقام الرقابة فنظام هذا الدين يتناول الحياة كلها، ويتولى شؤون البشرية كبيرها وصغيرها، ويؤمن حياة الإنسان، لا في هذه الحياة وحدها، ولكن كذلك في الدار الآخرة وقد جاءت هذه العقيدة في سورة موجزة؛ هي سورة الإخلاص، ولهذا جاءت السنة بمشروعية قراءتها في سنة صلاة الفجر؛ ليبدأ المسلم يومه بتصفية نفسه، وإخلاص عقيدته وصدق توجهه إلى بارئه جل وعلا، وهذه العقيدة المذكورة في سورة الإخلاص هو ما سوف نحاول تبيانه في الصفحات المقبلة إن شاء الله."
كل الكلام السابق كلامى إنشائى لا فائدة منه لأن العنوان تحدث عن أهمية العقيدة وهى فائدة واحدة وهى أن العمل الصالح كله مبنى عليها فطالما صدقت أى آمنت بوحى الله فأنا أعمل به فهذا الفائدة الدنيوية التى تؤدى للفائدة الأخروية وهى دخول الجنة وتناول الفصل الثانى سورة الإخلاص وفيه قالت:
"المبحث الثاني: سورة الإخلاص
المطلب الأول: سبب نزول هذه السورة:
"قال قتادة والضحاك ومقاتل: جاء ناس من اليهود إلى النبي (ص) فقالوا: صف لنا ربك، فإن الله أنزل نعته في التوراة، فأخبرنا من أي شيء هو؟ ومن أي جنس هو؟ من ذهب هو أم نحاس أم فضة؟ وهل يأكل ويشرب؟ وممن ورث الدنيا ومن يورثها؟ فأنزل الله تبارك وتعالى هذه السورة وهي نسبة الله خاصة.
أخبرنا أبو نصر أحمد بن إبراهيم المهرجاني، أخبرنا عبيد الله بن محمد الزاهد، أخبرنا أبو القاسم ابن بنت منيع، أخبرنا جدي أحمد بن منيع، أخبرنا أبو سعد الصغاني، أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب: أن المشركين قالوا لرسول الله صلي الله عليه وسلم انسب لنا ربك، فأنزل الله تعالى: {قل هو الله أحد الله الصمد} قال: فالصمد الذي {لم يلد ولم يولد} لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله تعالى لا يموت ولا يورث، {ولم يكن له كفوا أحد} قال: لم يكن له شبيه ولا عدل و {ليس كمثله شيء}.
أخبرنا أبو منصور البغدادي، أخبرنا أبو الحسن السراج، أخبرنا محمد بن عبد الله الحضرمي، أخبرنا سريج بن يونس، أخبرنا إسماعيل بن مجالد، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر قال: قالوا يا رسول الله، انسب لنا ربك، فنزلت: {قل هو الله أحد} إلى آخرها."
روايات النزول هنا كاذبة لأن القوم فيها سألوا النبى(ص) عن نسب الله ولو كانوا سألوه لقال كما قال فى إجابة أسئلتهم " ويسألونك عن" ولكن السورة تطلب من النبى(ص) أن يقول هو ما قالته السورة ولا يوجد فيها أى إشارة إلى أن يكلم الكفار وتعرضت الباحثة لتسمية السورة وفضلها فقالت:
"المطلب الثاني: التسمية وفضلها
أسماؤها: أورد صاحب التفسير الكبير مفاتيح الغيب لسورة الإخلاص عشرون اسما، فقال: "اعلم أن كثرة الألقاب تدل على مزيد الفضيلة، والعرف يشهد لما ذكرناه فأحدها: سورة التفريد وثانيها: سورة التجريد وثالثها: سورة التوحيد ورابعها: سورة الإخلاص لأنه لم يذكر في هذه السورة سوى صفاته السلبية التي هي صفات الجلال، ولأن من اعتقده كان مخلصا في دين الله، ولأن من مات عليه كان خلاصه من النار، ولأن ما قبله خلص في ذم أبي لهب فكان جزاء من قرأه أن لا يجمع بينه وبين أبي لهب وخامسها: سورة النجاة لأنها تنجيك عن التشبيه والكفر في الدنيا، وعن النار في الآخرة وسادسها: سورة الولاية لأن من قرأها صار من أولياء الله ولأن من عرف الله على هذا الوجه فقد والاه فبعد محنة رحمة كما بعد منحة نعمة وسابعها: سورة النسبة لما روينا أنه ورد جوابا لسؤال من قال: أنسب لنا ربك، ... و ثامنها: سورة المعرفة لأن معرفة الله لا تتم إلا بمعرفة هذه السورة، روى جابر أن رجلا صلى فقرأ: قل هو الله أحد فقال النبي (ص): إن هذا عبد عرف ربه فسميت سورة المعرفة لذلك وتاسعها: سورة الجمال قال (ص): " إن الله جميل يحب الجمال " فسألوه عن ذلك فقال: أحد صمد لم يلد ولم يولد لأنه إذا لم يكن واحدا عديم النظير جاز أن ينوب ذلك المثل منابه وعاشرها: سورة المقشقشة، يقال: تقشيش المريض مما به، فمن عرف هذا حصل له البرء من الشرك والنفاق لأن النفاق مرض كما قال: {في قلوبهم مرض} الحادي عشر: المعوذة، روى أنه (ص)دخل على عثمان بن مظعون فعوذه بها وباللتين بعدها، ثم قال: " نعوذ بهن فما تعوذت بخير منها " والثاني عشر: سورة الصمد لأنها مختصة بذكره تعالى والثالث عشر: سورة الأساس، قال (ص): " أسست السموات السبع والأرضون السبع على قل هو الله أحد " ...
الرابع عشر: سورة المانعة روى ابن عباس أنه تعالى قال: لنبيه حين عرج به أعطيتك سورة الإخلاص وهي من ذخائر كنوز عرشي، وهي المانعة تمنع عذاب القبر ولفحات النيران الخامس عشر: سورة المحضر لأن الملائكة تحضر لاستماعها إذا قرئت السادس عشر: المنفرة لأن الشيطان ينفر عند قراءتها السابع عشر: البراءة لأنه روي أنه (ص)رأى رجل يقرأ هذه السورة، فقال: أما هذا فقد بريء من الشرك، وقال (ص)من قرأ سورة قل هو الله أحد مائة مرة في صلاة أو في غيرها كتبت له براءة من النار، الثامن عشر: سورة المذكرة لأنها تذكر العبد خالص التوحيد فقراءة السورة كالوسمة تذكرك ما تتغافل عنه مما أنت محتاج إليه التاسع عشر: سورة النور قال الله تعالى: {الله نور السماوات والارض} فهو المنور للسموات والأرض، والسورة تنور قلبك وقال (ص)" إن لكل شيء نور ونور القرآن قل هو الله أحد " ونظيره أن نور الإنسان في أصغر أعضائه وهو الحدقة، فصارت السورة للقرآن كالحدقة للإنسان العشرون: سورة الأمان قال (ص)" إذا قال العبد لا إله إلا الله دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي "."
الخطأ فيما نقلته الباحثة هو ان كثرة الأسماء تدل على مزيد من الفضل وهو قول خطأ لأن الله ذكر للكفار أسماء كثيرا مثل كافر ومشرك ومجرم وضال وغافل وظالم وفاسق وعاص وماكر ومخادع ومستكبر وعتل وزنيم وحلاف ومهين وهماز ومشار بنميم ..وكل هذا لا يدل على فضل الكافر وإنما على ذمه والغريب أنها استدل بقول سورة النور " الله نور السموات والأرض ط على أن سورة الإخلاص تسمى سورة النور وهو أمر محال وتسميتها سورة الأمان تتناقض مع القول المستدل به وهو" إذا قال العبد لا إله إلا الله دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي" فلا يوجد ذكر للسورة فى القول ولا لشىء منها فقول لا إله إلا الله ليس من السورة وكذلم تسميتها بسورة البراءة مستبعد لتسمية سورة التوبة براءة كما أن الله لا يطلب ترديد سورة مائة مرة حتى يكتب براءة من الناء وإنما البراءة بالإيمان والعمل الصالح مها ومعظم ما ذكرته من الأسماء نقلا عن صاحب التفسير الكبير مفاتيح الغيب معظمه بلا دليل وإنما الدليل على خطئه موجود وتعرضت الباحثة لفضل السورة فقالت:
فضلها:
أولا: سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن
فعن أبي سعيد الخدري أن رجلا سمع رجلا يقرأ {قل هو الله أحد}،يرددها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله (ص) فذكر ذلك له وكأن الرجل يتقالها، فقال رسول الله (ص): (والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن) ."
والخطأ أن سورة الإخلاص ثلث القرآن لنا أن نتساءل ما هى أثلاث القرآن ؟قطعا لا رد ودعونا نتساءل هل المراد ثلث المعانى أم الألفاظ ؟إذا كان أراد المعانى فإن هذه السورة لا تشكل إلا أقل من 1%من معانى القرآن بدليل عدم ورود أحكام فيها سوى 5أو 6على الأكثر بينما القرآن فيه ألوف الأحكام وإذا كان الرد الألفاظ فألفاظها مجتمعة لا تشكل واحد من مائة ألف ثم دعونا نتساءل كيف يساوى قليل ثلث القرآن إذا كان لا تفاضل بين سور القرآن فى أى شىء لأنها كلها كلام الله وكلام الله سواء فى المصدر وفى العمل به ثم قالت:
"ثانيا: سورة الإخلاص تجلب محبة الله تعالى
عن عائشة أن النبي (ص) بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله (ص) فقال: (سلوه لأي شيء كان يصنع ذلك؟) فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأها، فقال رسول الله (ص): (أخبروه أن الله يحبه) ."
الرواية حسب الصلاة المعروفة حاليا خاطئة لأن الصلاة ليست كلها قراءة للقرآن تختم بقل هو الله أحد ثم قالت:
"ثالثا: أنها سبب لدخول الجنة:
فعن أبي هريرة قال: أقبلت مع النبي (ص) فسمع رجلا يقرأ: {قل هو الله أحد}، فقال رسول الله (ص): «وجبت». قلت ما وجبت؟ قال: (الجنة) .
رابعا: من قرأها عشر مرات بني له قصر في الجنة
عن معاذ بن أنس قال: قال رسول الله (ص): (من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة)
الخطأ أن أجر قراءة الإخلاص عشر مرات قصر فى الجنة وهو ما يناقض كون ألأجر حسنات كما قال تعالى " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" ثم قالت:
"خامسا: سنية قراءتها في الوتر:
عن أبي بن كعب قال: كان رسول الله (ص) يقرأ في الركعة الأولى من الوتر بـ {سبح اسم ربك الأعلى}، وفي الثانية بـ {قل يا أيها الكافرون}، وفي الثالثة بـ {قل هو الله أحد}
سادسا: سنية قراءتها في راتبة الفجر وراتبة المغرب وركعتي الطواف:
عن ابن عمر قال رمقت النبي (ص) أربعا وعشرين أو خمسا وعشرين مرة يقرأ في الركعتين قبل الفجر وبعد المغرب {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد}
وروى الإمام مسلم سنية قراءة سورتي الكافرون والإخلاص في ركعتي الطواف خلف المقام في حديث جابر الطويل في وصف حج النبي (ص) رقم 1218 "
رواية رمقت والرمق النظر تتناقض مع قوله يقرأ فالمفروض هو سماع القراءة وليس رؤيتها كما أنه كى يرمقه عليه أن يكون أمام النبى(ص) وهو الإمام وهو أمر غير معقول ثم قالت:
"سابعا: أنها رقية:
ومن ذلك ما أخرجه البخاري عن عائشة قالت: (إن رسول الله (ص) كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها)"
والخطأ شفاء المرضى بقراءة القرآن وهو ما يخالف أن الله وصف عسل النحل كدواء بقوله "يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس "فلو كان القرآن يشفى ما ذكره القرآن كشفاء لأن دواء واحد يقوم بكل شىء كما أن الله بين أن القرآن شفاء لشىء واحد وهو ما فى الصدور وهو الكفر وفى هذا قال تعالى "يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور " .
والرواية لا تصلح للاستدلال بها على سورة الإخلاص لأن المذكور فيها المعوذات وهى ليست منهن
وتعرضت الباحثة لمواضيع السورة فقالت:
"المطلب الثالث: محور مواضيع السورة ومعناها العام
هذه السورة الكريمة مؤلفة من أربع آيات، جاءت مصرحة بالتوحيد رادا على النصارى القائلين بالتثليث، وعلى المشركين الذين جعلوا لله الذرية والبنين، وغير ذلك من المذاهب المخالفة للتوحيد، وقد جاءت في غاية الإيجاز والإعجاز، وأوضحت صفات الجلال والكمال، ونزهت الله جل وعلا عن صفات العجز والنقص، فقد أثبتت الآية الأولى الوحدانية، ونفت التعدد {قل هو الله أحد} وأثبتت الثانية كماله تعالى، ونفت النقص والعجز {الله الصمد} وأثبتت الثالثة أزليته وبقاءه، ونفت الذرية والتناسل {لم يلد ولم يولد} وأثبتت الرابعة عظمته وجلاله، ونفت الأنداد والأضداد {ولم يكن له كفوا أحد} فالسورة تقرير لعقيدة التوحيد الخالصة، وإثبات لصفات الجلال والكمال، وتنزيه للرب بأسمى صور التنزيه عن النقائص.
المطلب الرابع: تفسير السورة
سورة الإخلاص سورة مكية وتتكون من أربع آيات، وهي السورة رقم مائة واثنا عشر من ترتيب سور القرآن الكريم.
{قل هو الله أحد} أي: قل يا محمد قولا جازما لمن سألوك عن صفة ربك: الله هو الواحد الوتر، لا شريك له ولا شبيه، المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى و الصفات الكاملة العليا.
{أحد} أي: واحد لا كثرة في ذاته، فهو ليس بمركب من جواهر مختلفة مادية ولا من أصول متعددة غير مادية، وقيل: الواحد: الوتر، والله يحب الوتر فهو واحد لا ثاني له، ويحب من الأفعال الوتر، ولذلك كانت هيئات الوضوء، أو الغرفات ثلاثا، والطواف بالبيت سبعا، والسعي سبعا، وأيام الأسبوع سبعا، وينتهي النهار بالوتر، وهي صلاة المغرب، والليل بالوتر المعروف، فالله وتر يحب الوتر."
الكلام الأخيرعن حب الله للوتر فى الأفعال يتناقض مع وجود أرقام زوجية كاثنين للمتعجل فى الحج ""واذكروا الله فى أيام معدودات فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه" كما أنه خلق الأرض فى يومين وقدر الأقوات فى أربع وهى زوجية فقال :
"قل أإنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين" ثم قالت:
{الله الصمد} أي: الكامل في صفاته، الذي افتقرت إليه جمع مخلوقاته، السيد الذي كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والغني الذي قد كمل في غناه، المقصود في قضاء الحوائج. وإنما عرف الصمد لعلمهم به ومعرفتهم إياه، بخلاف أحديته، وكرر لفظ الله إشعارا بأن من لم يتصف به لا يستحق الألوهية، فيجب على كل مكلف أن يعلم أن لا صمدية ولا وحدانية إلا لله وحده، فلا يقصد غيره ولا يلجأ في حوائجه إلا إليه، ثم عليه أن يتخلق بأخلاق السيادة، والسادة، حتى يكون مصمودا، وبابه مقصودا.
{لم يلد ولم يولد} أي ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة؛ لأن الولد إنما يكون للحاجة إليه إما في المعونة على مكابدة الدنيا، وإما في الحاجة إلى بقاء النسل، والله عز وجل مستغن عن ذلك لأنه- جل وعلا- لا مثيل له، ولكمال غناه، {ولم يولد} لأنه- عز وجل- هو الأول الذي ليس قبله شيء فكيف يكون مولودا؟
وفي هذه الآية رد على مشركي العرب القائلين: الملائكة بنات الله، واليهود القائلين: عزير ابن الله، والنصارى القائلين: المسيح ان الله.
{ولم يكن له كفوا أحد} أي: لم يكن له أحد مساويا في جميع صفاته، فهو سبحانه لا يساويه أحد ولا يماثله، ولا يكافئه ولا يشاركه أحد في شيء من صفات كماله.
والخلاصة: أن السورة تضمنت نفى الشرك بجميع أنواعه، فقد نفى الله عن نفسه أنواع الكثرة بقوله: «الله أحد» ونفى عن نفسه أنواع الاحتياج بقوله: «الله الصمد» ونفى عن نفسه المجانسة والمشابهة لشيء بقوله: «لم يلد» ونفى عن نفسه الحدوث والأولية بقوله: «ولم يولد» ونفى عن نفسه الأنداد والأشباه بقوله: «ولم يكن له كفوا أحد» تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا."
وتعرضت الباحثة فى الفصل الثالث للتربية الإيمانية فى السورة فقالت
"المبحث الثالث: التربية العقائدية للمؤمنين في سورة الإخلاص
المطلب الأول: صفات الله جل ثناءه
هذه السورة تعدل ثلث القرآن كما جاء في الروايات الصحيحة، وليس في هذا من غرابة؛ فإنها على الرغم من إيجازها وقصرها إلا أنها حوت من المعاني العظام ما يكون كالأساس الذي تقوم عليه البنيان، فهو سبحانه يعرف عباده بنفسه، ويبصرهم بأسمائه وصفاته وأفعاله؛ حتى ينمي فيهم تلك العقيدة الصحيحة وتلك التصور الصحيح الذي له أعظم الأثر في إصلاح النفس والحياة فيقول تعالى معرفا عن نفسه: {قل هو الله أحد* الله الصمد* لم يلد ولم يولد* ولم يكن له كفوا أحد} فعندما نستحضر هذه المعاني عند قراءتنا لهذه السورة الكريمة ندرك أنه الإله الواحد الحق المتعالي عن معنى الأعداد والأنداد، الجامع لصفات الكمال، المقصود على الدوام، الغني عن كل ما سواه، المتنزه عن صفات النقص، وعن المجانسة والمماثلة، فهو كما ذكر ابن عباس وكما ذكرنا سابقا في معنى الصمد: السيد الذي كمل في سؤدده، والشريف الذي كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، فهو الذي يصمد إليه العباد في قضاء حوائجهم، لا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي في خلقه الذي لم يلد ولم يولد، فليس له ولد ولا والد ولا زوجة، {بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء} ، فهو سبحانه مالك كل شيء وخالقه، فكيف يكون له من خلقه نظير يساميه أو قريب يدانيه؟! {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا} ، وهكذا يتحقق أنه الفرد الأحد وهو وحده المستحق للعبادة والتوجه إليه والاستعانة به.
وهذه الصفة متحققة ابتداء من كونه الفرد الأحد، {ولم يكن له كفوا أحد} أي لم يوجد له مماثل أو مكافئ. لا في حقيقة الوجود، ولا في حقيقة الفاعلية، ولا في أية صفة من الصفات الذاتية.
المطلب الثاني: الدعوة إلى توحيد الله
هذه السورة إثبات وتقرير لعقيدة التوحيد الإسلامية، وقد كان الرسول (ص) يستفتح يومه في صلاة سنة الفجر والمغرب بقراءة سورة الإخلاص وسورة الكافرون كما ذكرنا سالفا، وكان لهذا الافتتاح معناه ومغزاه، فهي مبنية على الإخلاص التام لله تعالى، ولهذا تسمى هاتين السورتين بسورتي الإخلاص، كما تسمى أيضا سورة الإخلاص بسورة الأساس، والتوحيد، والإيمان، وغير ذلك من الأسماء الدالة على ما حوته هذه السورة من عقيدة التوحيد؛ لأن من عرف معناها، وتدبر ما جاء فيها حق التدبر، علم أن ما جاء في الدين من التوحيد والتنزيه تفصيل لما أجمل فيها ففي قوله {قل هو الله أحد} توحيد من الله لنفسه، كما أن فيها أمر بالبلاغ والدعوة إلى التوحيد، أي: يا محمد، و يا أصحاب محمد، و يا كل المسلمين وحدوا الله وادعوا الناس كافة إلى توحيد الله، وهل دعوات الأنبياء إلا على هذا الأساس العظيم {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} فإن من مقاصد القرآن أن يربي العباد على عبادة الله وحده، لا عبادة العبيد،فما الفائدة أن تقرأ {قل هو الله أحد} وأنت عبد لغير الله! فبعض الناس عبد لوظيفته، وبعضهم عبد لسيارته، وبعضهم عبد لملبسه، قال (ص) في الصحيح: (تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش)
فسورة الاخلاص منهج للاتجاه إلى الله وحده في الرغبة والرهبة، في السراء والضراء، في النعماء والبأساء، وإلا فما جدوى التوجه إلى غير موجود وجودا حقيقيا، وإلى غير فاعل في الوجود أصلا ?!ومنهج للتلقي عن الله وحده، تلقي العقيدة والتصور والقيم والموازين, والشرائع والقوانين، والأوضاع والنظم, والآداب والتقاليد، فالتلقي لا يكون إلا عن الوجود الواحد والحقيقة المفردة في الواقع وفي الضمير ومنهج للتحرك والعمل لله وحده ابتغاء القرب من الحقيقة، وتطلعا إلى الخلاص من الحواجز المعوقة والشوائب المضللة، سواء في قرارة النفس أو فيما حولها من الأشياء والنفوس.
من أجل هذا كله كانت الدعوة الأولى قاصرة على تقرير حقيقة التوحيد بصورتها هذه في القلوب، لأن التوحيد في هذه الصورة عقيدة للضمير، وتفسير للوجود، ومنهج للحياة، وليس كلمة تقال باللسان أو حتى صورة تستقر في الضمير، إنما هو الأمر كله، والدين كله؛ وما بعده من تفصيلات وتفريعات لا يعدو أن يكون الثمرة الطبيعية لاستقرار هذه الحقيقة بهذه الصورة في القلوب.
المطلب الثالث: الحرية الحقيقية
حين يحصل اليقين في القلب من فهم واعتقاد ما في سورة الإخلاص؛ فإن القلب يتحرر من كل القيود، قيود الشهوات والشبهات، وقيود الرغبة والرهبة، فلا يرغب القلب إلا فيما عند الله الأحد الصمد، ولا يرهب إلا الله الأحد الصمد، ولا يرجوا ولا يخاف إلا الله الأحد الصمد.
وكيف يرجو وكيف يخاف من المخلوقين الذين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ولا يستطيعون نصر أنفسهم، ولا يملكون موتا ولا حياة ولا رزقا.
يقول صاحب تفسير (في ظلال القرآن) هذه السورة الكريمة تقرر أحدية الوجود، فليس هناك حقيقة إلا حقيقته، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده، وكل موجود آخر فإنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي, ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية وهي - من ثم - أحدية الفاعلية، فليس سواه فاعلا لشيء, أو فاعلا في شيء في هذا الوجود أصلا، وهذه عقيدة في الضمير وتفسير للوجود أيضا فإذا استقر هذا التفسير, ووضح هذا التصور, خلص القلب من كل غاشية ومن كل شائبة, ومن كل تعلق بغير هذه الذات الواحدة المتفردة بحقيقة الوجود وحقيقة الفاعلية وحين يخلص القلب من الشعور بغير الحقيقة الواحدة , ومن التعلق بغير هذه الحقيقة؛ فعندئذ يتحرر من جميع القيود, وينطلق من كل الأوهاق، يتحرر من الرغبة وهي أصل قيود كثيرة , ويتحرر من الرهبة وهي أصل قيود كثيرة، و فيم يرغب وهو لا يفقد شيئا متى وجد الله ? ومن ذا يرهب ولا وجود لفاعلية إلا لله ?
فالعقيدة الصحيحة أساس في التربية الصحيحة، لأن غير المؤمن لا هدف له، ولا نظام في حياته، يتخبط خبط عشواء، يخضعه الشيطان لأهوائه متى شاء وكيف شاء، فإذا قوى إيمان الفرد بعقيدته الصحيحة، فلن تصدر عنه إلا التصرفات الطيبة التي تتفق مع عقيدته، فالإيمان الصحيح أساس متين لتربية ثابته مضمونه النتائج، فإذا استقامت سيرة الفرد الذاتية، واستقامت حياته وانتظمت، فإن ذلك ينعكس على المجتمع الذي يعيش فيه، وبذلك يتكون المجتمع السليم الصالح من أفراده الذين يكونون لبناته، ويكونون أمة ذات حضارة متجانسة متجاوبة مع عقيدتها ودينها وهذه التربية القرآنية هي ذاتها التي كان رسول الله (ص) يربي أصحابه عليها، عن ابن عباس قال: كنت خلف النبي (ص) يوما فقال " يا غلام , إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده تجاهك , إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله , واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك , وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك , رفعت الأقلام وجفت الصحف "
المطلب الرابع: لنتربى على منهج القرآن ينبغي علينا أن نربي أبناءنا ونساءنا ومجتمعنا على هذا المنهج القرآني فعن عائشة أن النبي (ص) كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على راسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات) فهذه بعض الأحاديث المرغبة في الإدمان على قراءة سورة الإخلاص، والسبب في ذلك أن هذه السورة قد جمعت معاني من اعتقدها حرم الله عليه النار، ولأن هذه السورة وأختيها الفلق والناس حصن حصين من جميع ما يخشاه المؤمن ويحذره، فالإنسان في طبيعته البشرية يطرأ عليه الخوف، ويصاب أحيانا بشتى أنواع المصائب والابتلاءات، وكثير منا وللأسف يتعلق بالأسباب الواهيات، ويترك الرجوع إلى كتاب الله الكريم، فهذا رسول الله (ص) كان يحافظ على قراءة المعوذتين والإخلاص عندما يأوي إلى فراشه، وما ذاك إلا درس لنا في أن نتحصن بكتاب الله، ونتمسك بهدي رسول الله (ص) ونعلم ذلك لأبنائنا ونسائنا ومجتمعنا.
وزاد فضل الله علينا أن جعل هذه السور قصيرة، وكلماتها سهلة يسيرة، لا تتطلب منا جهدا ولا عناء، إنما المطلوب منا أن ندمن قراءتها؛ لتكون لنا حصنا من الأمراض النفسية والوساوس الشيطانية، ونكون بقراءتها قد استحضرنا في قلوبنا أروع معان جاء الرسول (ص) لنشرها، ومن أجلها طرد وعذب وأهين وشرد، بقي في مكة ثلاث عشرة سنة يدعوهم بأن الله أحد، فرد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.
فلنستحضر مع تلاوتنا لها هذه المعاني فهو الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا وزير، ولا ند له ولا شبيه ولا عديل، فهو سبحانه الكامل في جميع صفاته وأفعاله، السيد المقصود الذي لا يقضى أمرا إلا بإذنه، فهو السيد الذي لا سيد غيره، فهو أحد في ألوهيته والكل له عبيد، وهو المقصود وحده بالحاجات، المجيب وحده لأصحاب الحاجات وهو الذي يقضي في كل أمر بإذنه، ولا يقضي أحد معه فإذا اعتقدنا ذلك فإننا نخالف اليهود في قولهم: عزير ابن الله، ونخالف النصارى في قولهم: المسيح ابن الله، ونخالف المجوس في عبادتهم الشمس والقمر، ونخالف المشركين في عبادتهم الأوثان وقولهم بأن الملائكة بنات الله وهذا ما كان النبي (ص) يربي أصحابه عليه مثل: مصعب بن عمير، الذي قطع في أحد، ومثل: عمير بن الحمام، الذي كسر غمد سيفه على ركبته في بدر وقال: بخ بخ -والذي نفسي بيده- إنها لحياة طويلة إذا بقيت إلى أن آكل هذه التمرات، فقاتل حتى قتل، ومثل أنس بن النضر، الذي ضرب ثمانين ضربة، فطارت روحه إلى جنة عرضها السماوات والأرض، {يا أيتها النفس المطمئنة* ارجعي إلى ربك راضية مرضية* فادخلي في عبادي* وادخلي جنتي} فعلينا أن نقرأها ونتدبرها، ونحفظها لأبنائنا وبناتنا فكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعايانا، وبهذا نتحرر من عبودية غير الله إلى عبودية الله عز وجل، ومن الشرك إلى التوحيد الخالص،، فنحن ليسنا بحاجة لطعام وشراب، كحاجتنا وشديد رغبتنا في الدين، فإننا نستطيع الصبر على الجوع والعطش، ولكننا لا نستطيع الصبر على النار، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} ، فهذه قضية كبرى من قضايا هذا الدين، بل هو أساسه، فعلينا أن نرتبط بالقرآن وأن نسير وفق منهجها الإلهي حتى نكتب عنده من السعداء في الداريين"
قطعا ما قالته الباحثة هو مجرد تكرار لكلام سبق أن قالته وهو غالبه كلام غير مفيد فالتربية العقائدية حسب قولها وحسب القرآن التربية الإيمانية المستفادة هى تعليم المسلمين توحيد الله وأنه مولود ولا والد وليس له مثيل فهى تربية خاصة بتعريف الله وما يترتب عليه هو طاعة الله وحده هذه هى خلاصة الأمر والكلام فيه العديد من الأخطاء وهى :
الأول إدمان قراءة السورة وافتتاح اليوم بها فهو كلام خاطىء فالمسلم لابد له أن يقرأ القرآن كله وليس سور معينة لأن الغرض من القراءة هو تعلم الأحكام وتعلم الأحكام لأن يأتى من قراءة سورة واحدة أو حتى عشرة
الثانى ما سمته الباحثة الحرية الحقيقية ففى الإسلام لا حرية لمسلم وإنما هى عبودية مطلقة لله كما قال تعالى :
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم"
وبقية الأخطاء سبق ذكرها كثلث القرآن وقراءة السور والنفث بها
الكتاب من تأليف بشرى سيد محمد آجيور وهى من ماليزيا من أهل العصر وقد استهلت الكتاب بالتعاريف الثلاثة الأساسية الواردة فى العنوان وهى التربية والعقيدة والإخلاص فقالت:
"المطلب الأول: مفهوم التربية
إن الحديث عن التربية له الأثر البالغ في تقدم ورقي وإصلاح أي أمة، وهي الوسيلة الأكبر لتهذيب النفوس وتقويمها، وبناء أجيال صالحة، ولذا فإن أول ما أسسه (ص) عندما أراد بناء الأمة وإنقاذها من التخلف والجهل الذي ألم بها، هو وضع الأسس الأولى للتربية ولكن وفق منظور إسلامي بحت مستمد من الكتاب والسنة، وبذلك صنع مجتمعا فريدا، ونموذجا رائعا من بين كل المجتمعات التي عاصرت المجتمع الإسلامي آنذاك وإذا أردنا تعريف التربية لغة: نجد أنها مأخوذة من ربا الشيء يربوا ربوا ورباء زاد ونما، ورباه تربية وترباه أي غذاه، ..ويمكن أن نقول أن معنى التربية لغة تدور حول الرعاية والمحافظة والسياسة والعلم والتنمية والزيادة والنشأة والترعرع.
أما التربية اصطلاحا: فلقد عرف التربويون والمصلحون التربية بتعاريف عدة، منها: هي عملية إنسانية النزعة، ذاتية المنطلق، اجتماعية المحتوى، وهي طريقة الحياة، أو الحياة ذاتها وعرفها غيره بانها: عملية تقويم وتوجيه لسلوك الإنسان، هدفها تطبيق المنهج الإلهي بالاستعانة بالوسائل والطرق التي حددها المنهج نفسه وقيل هي: تنمية جوانب شخصية الإنسان على أن تتمثل كل هذه الجوانب في انسجام وتكامل، تتوحد معه طاقات الإنسان وتتضافر جهوده لتحقيق هدف واحد، تتفرع عنه وتعود إليه جميع الجهود والتصورات وضروب السلوك ونبضات الوجدان ويمكن تعريفها بأنها إحداث تغيير في سلوك الفرد في الاتجاه المرغوب فيه من وجهة نظر الإسلام"
مما سبق نجد أن الكاتبة فعلت ما يفعل دوما فى البحوث الجامعية وهى نقل التعاريف المختلفة للكلمة مع الحرص أولا على نقل المعانى اللغوية ثم بعد هذا الاصطلاحات وكل هذا التقليد الجامعى أو البحثى غير مفيد فالقارىء لا يستفيد شيئا من تلك التعاريف المختلفة وإنما هو يريد تعريفا واضحا بسيطا فالتربية هى تنمية الطفل جسديا ونفسيا بمعنى إطعامه وتدريبه رياضيا كى ينمو الجسم ونفسيا بمعنى تعليمه دينه ومن خلال دينه يتعلم كل شىء مما نسميه علوما أو غيرها والتربية عماية مشتركة بين كل أفراد المجتمع المسلم وتكون فى فترة الصغر كما قال تعالى " وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا"
وتناولت الباحثة مفهوم العقيدة فقالت:
"المطلب الثاني: مفهوم العقيدة
{قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون}
العقيدة في اللغة:
كلمة العقيدة مأخوذة من مادة عقد وهي من العقد، والتوثيق، والإحكام، والربط بقوة، تقول العرب: أعتقد الشيء؛ صلب واشتد، واعتقد بمعنى اقتنى، ... وعقد قلبه على الشيء: لزمه. ..قال تعالى: {والذين عقدت أيمانكم} أي: أكدت ووثقت، فالعقيدة ما انعقد عليه القلب واستمسك به، وتعذر تحويله عنه، لا فرق في ذلك بين ما كان راجعا إلى تقليد أو وهم، وما كان راجعا إلى دليل عقلي وفي كتاب محيط المحيط: اعتقد بالشيء: صدقه، وعقد عليه قلبه وضميره وتدين به وهكذا نجد أن مدار كلمة (العقيدة) في اللغة يدل على اللزوم والتأكد والاستيثاق والعزم المؤكد والنية وما يدين به الإنسان.
أما في الاصطلاح:
فهي مجموعة من قضايا الحق البديهية المسلمة بالعقل والسمع والفطرة، يعقد عليها الإنسان قلبه، ويثني عليها صدره جازما بصحتها، قاطعا بوجودها وثبوتها، فإذا كان هذا الإيمان الجازم والحكم القاطع صحيحا كانت العقيدة صحيحة، كاعتقاد أهل السنة والجماعة، وإن كان باطلا كانت العقيدة باطلة كاعتقاد فرق الضلال.
يقول ابن تيمية: إن العقائد هي الأمور التي تصدق بها النفوس، وتطمئن إليها القلوب، ويكون يقينا عند أصحابها لا يمازجها ريب ولا يخالطها شك."
العقيدة كلمة غير قرآنية اخترعها البعض للتعبير عن الإيمان ولذا ذكرت الباحثة آية الإيمان فى بداية التعريف ومن ثم يجب أن يعدل القوم عن تعريفهم إلى كلام الله فالإيمان يشمل كل شىء أمر الله بالإيمان به فى الوحى المنزل والخطأ فى التعريف هو :
أن القضايا المؤمن به المسلم بديهيات مسلم بها فالإيمان مطلوب بناء على التفكير وليس على الأخذ بالقول دون تفكير ولذا قال تعالى " ويتفكرون فى خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا "
ومن ثم طلب إبراهيم(ص) مثلا البرهان على البعث للاطمئنان على الإيمان كما أنه فكر فى صفات الإله فرفض الإيمان بكون الشمس والقمر آلهة لأنهم يغيبون ومن ثم فالله لا يريد مؤمنين يصدقون بلا أى تفكير
وتعرضت الباحثة لمفهوم الإخلاص فقالت:
المطلب الثالث: مفهوم الإخلاص
الإخلاص هو حقيقة الدين، ولب العبادة وروحها، ومفتاح دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو أساس قبول الأعمال وردها.
وأصل الإخلاص في اللغة:
خلص الشيء، بالفتح، يخلص خلوصا وخلاصا إذا كان قد نشب ثم نجا وسلم. وأخلصه وخلصه وأخلص لله دينه: أمحضه. وأخلص الشيء: اختاره، وقرئ: {إلا عبادك منهم المخلصين} ، والمخلصين؛ قال ثعلب: يعني بالمخلصين الذين أخلصوا العبادة لله تعالى، وبالمخلصين الذين أخلصهم الله عز وجل. وقال الزجاج: وقوله: {واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا} ، وقرئ مخلصا، والمخلص: الذي أخلصه الله جعله مختارا خالصا من الدنس، والمخلص: الذي وحد الله تعالى خالصا ولذلك قيل لسورة: {قل هو الله أحد} ، سورة الإخلاص؛ قال ابن الأثير: سميت بذلك لأنها خالصة في صفة الله تعالى وتقدس، أو لأن اللافظ بها قد أخلص التوحيد لله عز وجل، فكلمة الإخلاص كلمة التوحيد.
والإخلاص اصطلاحا:
يعني صدق العبد في توجهه إلى الله اعتقادا وعملا، قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} لذا فإن الإخلاص في القول والعمل، أساس القبول عند الله، قال ابن القيم: "الإخلاص هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة أي إفراد الله عز وجل بأن نقصده في طاعتنا وعبادتنا"، وذكر في تعريف ثاني: "الإخلاص هو تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين" "
والإخلاص يعنى التوحيد يعنى عبادة الله وحده يعنى تسبيح الله يعنى تقوى الله ....وكله معناه واحد وهو الإيمان بالوحى والعمل به ولذا كرر الله كثيرا الذين أمنوا وعملوا الصالحات
وتعرضت الباحثة افائدة التربية الإيمانية فقالت:
"المطلب الرابع: أهمية التربية العقدية للإنسان
إن العقيدة أيا كانت هذه العقيدة تعد ضرورة من ضروريات الإنسان التي لا غنى له عنها؛ ذلك أن الإنسان بحسب فطرته يميل إلى اللجوء إلى قوة عليا يعتقد فيها القوة الخارقة والسيطرة الكاملة عليه وعلى المخلوقات من حوله، وهذا الاعتقاد يحقق له الميل الفطري للتدين ويشبع نزعته تلك، فإذا كان الأمر كذلك فإن أولى ما يحقق ذلك هو الاعتقاد الصحيح الذي يوافق تلك الفطرة ويحترم عقل الإنسان ومكانته في الكون، وهذا ما جاءت به العقيدة الإسلامية فالعقيدة الإسلامية والدين الإسلامي بناء متكامل، يشمل جميع حياة المسلم منذ ولادته وحتى مماته، ثم ما يصير إليه بعد موته، وهذا البناء الضخم يقوم على أساس متين، هو العقيدة الإسلامية التي تتخذ من وحدانية الخالق - جل وعلا - منطلقا لها؛ كما قال ربنا تبارك وتعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} ، وقال تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} وبعث رسول الله - (ص) - بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وكانت مهمته الأولى ترسيخ العقيدة، وتأصيلها في النفوس؛ فهي القضية الكبرى والرئيسة.
فالعقيدة هي القاعدة الأساسية لإقامة هذا الدين وهي الأساس، والعبادة هي البناء القائم على أصل العقيدة: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} ؛ لأن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر يترتب عليه الانقياد له فيما اختاره ورضيه، وفيما أمر به، وما نهى عنه فالعقيدة هي قضية الإنسان التي لا تتغير؛ لأنها قضية وجوده في هذا الكون، وقضية مصيره، وقضية علاقته بخالق هذا الكون بكل ما فيه من الأحياء، ولذا بعث رسول الله - (ص) - بهذا الدين الذي يعمل على بناء الأخلاق التي لا تقوم إلا على أساس من العقيدة التي تضع الموازين، وتحدد القيم، وتقرر السلطة التي تعتمد عليها هذه الموازين والقيم، وبدون هذه العقيدة تظل القيم والأخلاق كلها متأرجحة بلا ضابط؛ لأن بالعقيدة الحقة يتطهر المجتمع من الظلم الاجتماعي بجملته، وقد قام النظام الإسلامي بعدل لا يعرف الظلم، وبميزان قسط لا يعرف الجور، ورفع راية الإسلام، وطهر النفوس، وزكى الأخلاق، ونقى القلوب والأرواح؛ لأن الرقابة قامت على رسوخ العقيدة وقوة الإيمان، ولأن الطمع في رضا الله وثوابه، والخوف من غضبه وعقابه قد قامت كلها مقام الرقابة فنظام هذا الدين يتناول الحياة كلها، ويتولى شؤون البشرية كبيرها وصغيرها، ويؤمن حياة الإنسان، لا في هذه الحياة وحدها، ولكن كذلك في الدار الآخرة وقد جاءت هذه العقيدة في سورة موجزة؛ هي سورة الإخلاص، ولهذا جاءت السنة بمشروعية قراءتها في سنة صلاة الفجر؛ ليبدأ المسلم يومه بتصفية نفسه، وإخلاص عقيدته وصدق توجهه إلى بارئه جل وعلا، وهذه العقيدة المذكورة في سورة الإخلاص هو ما سوف نحاول تبيانه في الصفحات المقبلة إن شاء الله."
كل الكلام السابق كلامى إنشائى لا فائدة منه لأن العنوان تحدث عن أهمية العقيدة وهى فائدة واحدة وهى أن العمل الصالح كله مبنى عليها فطالما صدقت أى آمنت بوحى الله فأنا أعمل به فهذا الفائدة الدنيوية التى تؤدى للفائدة الأخروية وهى دخول الجنة وتناول الفصل الثانى سورة الإخلاص وفيه قالت:
"المبحث الثاني: سورة الإخلاص
المطلب الأول: سبب نزول هذه السورة:
"قال قتادة والضحاك ومقاتل: جاء ناس من اليهود إلى النبي (ص) فقالوا: صف لنا ربك، فإن الله أنزل نعته في التوراة، فأخبرنا من أي شيء هو؟ ومن أي جنس هو؟ من ذهب هو أم نحاس أم فضة؟ وهل يأكل ويشرب؟ وممن ورث الدنيا ومن يورثها؟ فأنزل الله تبارك وتعالى هذه السورة وهي نسبة الله خاصة.
أخبرنا أبو نصر أحمد بن إبراهيم المهرجاني، أخبرنا عبيد الله بن محمد الزاهد، أخبرنا أبو القاسم ابن بنت منيع، أخبرنا جدي أحمد بن منيع، أخبرنا أبو سعد الصغاني، أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب: أن المشركين قالوا لرسول الله صلي الله عليه وسلم انسب لنا ربك، فأنزل الله تعالى: {قل هو الله أحد الله الصمد} قال: فالصمد الذي {لم يلد ولم يولد} لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله تعالى لا يموت ولا يورث، {ولم يكن له كفوا أحد} قال: لم يكن له شبيه ولا عدل و {ليس كمثله شيء}.
أخبرنا أبو منصور البغدادي، أخبرنا أبو الحسن السراج، أخبرنا محمد بن عبد الله الحضرمي، أخبرنا سريج بن يونس، أخبرنا إسماعيل بن مجالد، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر قال: قالوا يا رسول الله، انسب لنا ربك، فنزلت: {قل هو الله أحد} إلى آخرها."
روايات النزول هنا كاذبة لأن القوم فيها سألوا النبى(ص) عن نسب الله ولو كانوا سألوه لقال كما قال فى إجابة أسئلتهم " ويسألونك عن" ولكن السورة تطلب من النبى(ص) أن يقول هو ما قالته السورة ولا يوجد فيها أى إشارة إلى أن يكلم الكفار وتعرضت الباحثة لتسمية السورة وفضلها فقالت:
"المطلب الثاني: التسمية وفضلها
أسماؤها: أورد صاحب التفسير الكبير مفاتيح الغيب لسورة الإخلاص عشرون اسما، فقال: "اعلم أن كثرة الألقاب تدل على مزيد الفضيلة، والعرف يشهد لما ذكرناه فأحدها: سورة التفريد وثانيها: سورة التجريد وثالثها: سورة التوحيد ورابعها: سورة الإخلاص لأنه لم يذكر في هذه السورة سوى صفاته السلبية التي هي صفات الجلال، ولأن من اعتقده كان مخلصا في دين الله، ولأن من مات عليه كان خلاصه من النار، ولأن ما قبله خلص في ذم أبي لهب فكان جزاء من قرأه أن لا يجمع بينه وبين أبي لهب وخامسها: سورة النجاة لأنها تنجيك عن التشبيه والكفر في الدنيا، وعن النار في الآخرة وسادسها: سورة الولاية لأن من قرأها صار من أولياء الله ولأن من عرف الله على هذا الوجه فقد والاه فبعد محنة رحمة كما بعد منحة نعمة وسابعها: سورة النسبة لما روينا أنه ورد جوابا لسؤال من قال: أنسب لنا ربك، ... و ثامنها: سورة المعرفة لأن معرفة الله لا تتم إلا بمعرفة هذه السورة، روى جابر أن رجلا صلى فقرأ: قل هو الله أحد فقال النبي (ص): إن هذا عبد عرف ربه فسميت سورة المعرفة لذلك وتاسعها: سورة الجمال قال (ص): " إن الله جميل يحب الجمال " فسألوه عن ذلك فقال: أحد صمد لم يلد ولم يولد لأنه إذا لم يكن واحدا عديم النظير جاز أن ينوب ذلك المثل منابه وعاشرها: سورة المقشقشة، يقال: تقشيش المريض مما به، فمن عرف هذا حصل له البرء من الشرك والنفاق لأن النفاق مرض كما قال: {في قلوبهم مرض} الحادي عشر: المعوذة، روى أنه (ص)دخل على عثمان بن مظعون فعوذه بها وباللتين بعدها، ثم قال: " نعوذ بهن فما تعوذت بخير منها " والثاني عشر: سورة الصمد لأنها مختصة بذكره تعالى والثالث عشر: سورة الأساس، قال (ص): " أسست السموات السبع والأرضون السبع على قل هو الله أحد " ...
الرابع عشر: سورة المانعة روى ابن عباس أنه تعالى قال: لنبيه حين عرج به أعطيتك سورة الإخلاص وهي من ذخائر كنوز عرشي، وهي المانعة تمنع عذاب القبر ولفحات النيران الخامس عشر: سورة المحضر لأن الملائكة تحضر لاستماعها إذا قرئت السادس عشر: المنفرة لأن الشيطان ينفر عند قراءتها السابع عشر: البراءة لأنه روي أنه (ص)رأى رجل يقرأ هذه السورة، فقال: أما هذا فقد بريء من الشرك، وقال (ص)من قرأ سورة قل هو الله أحد مائة مرة في صلاة أو في غيرها كتبت له براءة من النار، الثامن عشر: سورة المذكرة لأنها تذكر العبد خالص التوحيد فقراءة السورة كالوسمة تذكرك ما تتغافل عنه مما أنت محتاج إليه التاسع عشر: سورة النور قال الله تعالى: {الله نور السماوات والارض} فهو المنور للسموات والأرض، والسورة تنور قلبك وقال (ص)" إن لكل شيء نور ونور القرآن قل هو الله أحد " ونظيره أن نور الإنسان في أصغر أعضائه وهو الحدقة، فصارت السورة للقرآن كالحدقة للإنسان العشرون: سورة الأمان قال (ص)" إذا قال العبد لا إله إلا الله دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي "."
الخطأ فيما نقلته الباحثة هو ان كثرة الأسماء تدل على مزيد من الفضل وهو قول خطأ لأن الله ذكر للكفار أسماء كثيرا مثل كافر ومشرك ومجرم وضال وغافل وظالم وفاسق وعاص وماكر ومخادع ومستكبر وعتل وزنيم وحلاف ومهين وهماز ومشار بنميم ..وكل هذا لا يدل على فضل الكافر وإنما على ذمه والغريب أنها استدل بقول سورة النور " الله نور السموات والأرض ط على أن سورة الإخلاص تسمى سورة النور وهو أمر محال وتسميتها سورة الأمان تتناقض مع القول المستدل به وهو" إذا قال العبد لا إله إلا الله دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي" فلا يوجد ذكر للسورة فى القول ولا لشىء منها فقول لا إله إلا الله ليس من السورة وكذلم تسميتها بسورة البراءة مستبعد لتسمية سورة التوبة براءة كما أن الله لا يطلب ترديد سورة مائة مرة حتى يكتب براءة من الناء وإنما البراءة بالإيمان والعمل الصالح مها ومعظم ما ذكرته من الأسماء نقلا عن صاحب التفسير الكبير مفاتيح الغيب معظمه بلا دليل وإنما الدليل على خطئه موجود وتعرضت الباحثة لفضل السورة فقالت:
فضلها:
أولا: سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن
فعن أبي سعيد الخدري أن رجلا سمع رجلا يقرأ {قل هو الله أحد}،يرددها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله (ص) فذكر ذلك له وكأن الرجل يتقالها، فقال رسول الله (ص): (والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن) ."
والخطأ أن سورة الإخلاص ثلث القرآن لنا أن نتساءل ما هى أثلاث القرآن ؟قطعا لا رد ودعونا نتساءل هل المراد ثلث المعانى أم الألفاظ ؟إذا كان أراد المعانى فإن هذه السورة لا تشكل إلا أقل من 1%من معانى القرآن بدليل عدم ورود أحكام فيها سوى 5أو 6على الأكثر بينما القرآن فيه ألوف الأحكام وإذا كان الرد الألفاظ فألفاظها مجتمعة لا تشكل واحد من مائة ألف ثم دعونا نتساءل كيف يساوى قليل ثلث القرآن إذا كان لا تفاضل بين سور القرآن فى أى شىء لأنها كلها كلام الله وكلام الله سواء فى المصدر وفى العمل به ثم قالت:
"ثانيا: سورة الإخلاص تجلب محبة الله تعالى
عن عائشة أن النبي (ص) بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله (ص) فقال: (سلوه لأي شيء كان يصنع ذلك؟) فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأها، فقال رسول الله (ص): (أخبروه أن الله يحبه) ."
الرواية حسب الصلاة المعروفة حاليا خاطئة لأن الصلاة ليست كلها قراءة للقرآن تختم بقل هو الله أحد ثم قالت:
"ثالثا: أنها سبب لدخول الجنة:
فعن أبي هريرة قال: أقبلت مع النبي (ص) فسمع رجلا يقرأ: {قل هو الله أحد}، فقال رسول الله (ص): «وجبت». قلت ما وجبت؟ قال: (الجنة) .
رابعا: من قرأها عشر مرات بني له قصر في الجنة
عن معاذ بن أنس قال: قال رسول الله (ص): (من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة)
الخطأ أن أجر قراءة الإخلاص عشر مرات قصر فى الجنة وهو ما يناقض كون ألأجر حسنات كما قال تعالى " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" ثم قالت:
"خامسا: سنية قراءتها في الوتر:
عن أبي بن كعب قال: كان رسول الله (ص) يقرأ في الركعة الأولى من الوتر بـ {سبح اسم ربك الأعلى}، وفي الثانية بـ {قل يا أيها الكافرون}، وفي الثالثة بـ {قل هو الله أحد}
سادسا: سنية قراءتها في راتبة الفجر وراتبة المغرب وركعتي الطواف:
عن ابن عمر قال رمقت النبي (ص) أربعا وعشرين أو خمسا وعشرين مرة يقرأ في الركعتين قبل الفجر وبعد المغرب {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد}
وروى الإمام مسلم سنية قراءة سورتي الكافرون والإخلاص في ركعتي الطواف خلف المقام في حديث جابر الطويل في وصف حج النبي (ص) رقم 1218 "
رواية رمقت والرمق النظر تتناقض مع قوله يقرأ فالمفروض هو سماع القراءة وليس رؤيتها كما أنه كى يرمقه عليه أن يكون أمام النبى(ص) وهو الإمام وهو أمر غير معقول ثم قالت:
"سابعا: أنها رقية:
ومن ذلك ما أخرجه البخاري عن عائشة قالت: (إن رسول الله (ص) كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها)"
والخطأ شفاء المرضى بقراءة القرآن وهو ما يخالف أن الله وصف عسل النحل كدواء بقوله "يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس "فلو كان القرآن يشفى ما ذكره القرآن كشفاء لأن دواء واحد يقوم بكل شىء كما أن الله بين أن القرآن شفاء لشىء واحد وهو ما فى الصدور وهو الكفر وفى هذا قال تعالى "يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور " .
والرواية لا تصلح للاستدلال بها على سورة الإخلاص لأن المذكور فيها المعوذات وهى ليست منهن
وتعرضت الباحثة لمواضيع السورة فقالت:
"المطلب الثالث: محور مواضيع السورة ومعناها العام
هذه السورة الكريمة مؤلفة من أربع آيات، جاءت مصرحة بالتوحيد رادا على النصارى القائلين بالتثليث، وعلى المشركين الذين جعلوا لله الذرية والبنين، وغير ذلك من المذاهب المخالفة للتوحيد، وقد جاءت في غاية الإيجاز والإعجاز، وأوضحت صفات الجلال والكمال، ونزهت الله جل وعلا عن صفات العجز والنقص، فقد أثبتت الآية الأولى الوحدانية، ونفت التعدد {قل هو الله أحد} وأثبتت الثانية كماله تعالى، ونفت النقص والعجز {الله الصمد} وأثبتت الثالثة أزليته وبقاءه، ونفت الذرية والتناسل {لم يلد ولم يولد} وأثبتت الرابعة عظمته وجلاله، ونفت الأنداد والأضداد {ولم يكن له كفوا أحد} فالسورة تقرير لعقيدة التوحيد الخالصة، وإثبات لصفات الجلال والكمال، وتنزيه للرب بأسمى صور التنزيه عن النقائص.
المطلب الرابع: تفسير السورة
سورة الإخلاص سورة مكية وتتكون من أربع آيات، وهي السورة رقم مائة واثنا عشر من ترتيب سور القرآن الكريم.
{قل هو الله أحد} أي: قل يا محمد قولا جازما لمن سألوك عن صفة ربك: الله هو الواحد الوتر، لا شريك له ولا شبيه، المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى و الصفات الكاملة العليا.
{أحد} أي: واحد لا كثرة في ذاته، فهو ليس بمركب من جواهر مختلفة مادية ولا من أصول متعددة غير مادية، وقيل: الواحد: الوتر، والله يحب الوتر فهو واحد لا ثاني له، ويحب من الأفعال الوتر، ولذلك كانت هيئات الوضوء، أو الغرفات ثلاثا، والطواف بالبيت سبعا، والسعي سبعا، وأيام الأسبوع سبعا، وينتهي النهار بالوتر، وهي صلاة المغرب، والليل بالوتر المعروف، فالله وتر يحب الوتر."
الكلام الأخيرعن حب الله للوتر فى الأفعال يتناقض مع وجود أرقام زوجية كاثنين للمتعجل فى الحج ""واذكروا الله فى أيام معدودات فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه" كما أنه خلق الأرض فى يومين وقدر الأقوات فى أربع وهى زوجية فقال :
"قل أإنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين" ثم قالت:
{الله الصمد} أي: الكامل في صفاته، الذي افتقرت إليه جمع مخلوقاته، السيد الذي كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والغني الذي قد كمل في غناه، المقصود في قضاء الحوائج. وإنما عرف الصمد لعلمهم به ومعرفتهم إياه، بخلاف أحديته، وكرر لفظ الله إشعارا بأن من لم يتصف به لا يستحق الألوهية، فيجب على كل مكلف أن يعلم أن لا صمدية ولا وحدانية إلا لله وحده، فلا يقصد غيره ولا يلجأ في حوائجه إلا إليه، ثم عليه أن يتخلق بأخلاق السيادة، والسادة، حتى يكون مصمودا، وبابه مقصودا.
{لم يلد ولم يولد} أي ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة؛ لأن الولد إنما يكون للحاجة إليه إما في المعونة على مكابدة الدنيا، وإما في الحاجة إلى بقاء النسل، والله عز وجل مستغن عن ذلك لأنه- جل وعلا- لا مثيل له، ولكمال غناه، {ولم يولد} لأنه- عز وجل- هو الأول الذي ليس قبله شيء فكيف يكون مولودا؟
وفي هذه الآية رد على مشركي العرب القائلين: الملائكة بنات الله، واليهود القائلين: عزير ابن الله، والنصارى القائلين: المسيح ان الله.
{ولم يكن له كفوا أحد} أي: لم يكن له أحد مساويا في جميع صفاته، فهو سبحانه لا يساويه أحد ولا يماثله، ولا يكافئه ولا يشاركه أحد في شيء من صفات كماله.
والخلاصة: أن السورة تضمنت نفى الشرك بجميع أنواعه، فقد نفى الله عن نفسه أنواع الكثرة بقوله: «الله أحد» ونفى عن نفسه أنواع الاحتياج بقوله: «الله الصمد» ونفى عن نفسه المجانسة والمشابهة لشيء بقوله: «لم يلد» ونفى عن نفسه الحدوث والأولية بقوله: «ولم يولد» ونفى عن نفسه الأنداد والأشباه بقوله: «ولم يكن له كفوا أحد» تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا."
وتعرضت الباحثة فى الفصل الثالث للتربية الإيمانية فى السورة فقالت
"المبحث الثالث: التربية العقائدية للمؤمنين في سورة الإخلاص
المطلب الأول: صفات الله جل ثناءه
هذه السورة تعدل ثلث القرآن كما جاء في الروايات الصحيحة، وليس في هذا من غرابة؛ فإنها على الرغم من إيجازها وقصرها إلا أنها حوت من المعاني العظام ما يكون كالأساس الذي تقوم عليه البنيان، فهو سبحانه يعرف عباده بنفسه، ويبصرهم بأسمائه وصفاته وأفعاله؛ حتى ينمي فيهم تلك العقيدة الصحيحة وتلك التصور الصحيح الذي له أعظم الأثر في إصلاح النفس والحياة فيقول تعالى معرفا عن نفسه: {قل هو الله أحد* الله الصمد* لم يلد ولم يولد* ولم يكن له كفوا أحد} فعندما نستحضر هذه المعاني عند قراءتنا لهذه السورة الكريمة ندرك أنه الإله الواحد الحق المتعالي عن معنى الأعداد والأنداد، الجامع لصفات الكمال، المقصود على الدوام، الغني عن كل ما سواه، المتنزه عن صفات النقص، وعن المجانسة والمماثلة، فهو كما ذكر ابن عباس وكما ذكرنا سابقا في معنى الصمد: السيد الذي كمل في سؤدده، والشريف الذي كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، فهو الذي يصمد إليه العباد في قضاء حوائجهم، لا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي في خلقه الذي لم يلد ولم يولد، فليس له ولد ولا والد ولا زوجة، {بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء} ، فهو سبحانه مالك كل شيء وخالقه، فكيف يكون له من خلقه نظير يساميه أو قريب يدانيه؟! {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا} ، وهكذا يتحقق أنه الفرد الأحد وهو وحده المستحق للعبادة والتوجه إليه والاستعانة به.
وهذه الصفة متحققة ابتداء من كونه الفرد الأحد، {ولم يكن له كفوا أحد} أي لم يوجد له مماثل أو مكافئ. لا في حقيقة الوجود، ولا في حقيقة الفاعلية، ولا في أية صفة من الصفات الذاتية.
المطلب الثاني: الدعوة إلى توحيد الله
هذه السورة إثبات وتقرير لعقيدة التوحيد الإسلامية، وقد كان الرسول (ص) يستفتح يومه في صلاة سنة الفجر والمغرب بقراءة سورة الإخلاص وسورة الكافرون كما ذكرنا سالفا، وكان لهذا الافتتاح معناه ومغزاه، فهي مبنية على الإخلاص التام لله تعالى، ولهذا تسمى هاتين السورتين بسورتي الإخلاص، كما تسمى أيضا سورة الإخلاص بسورة الأساس، والتوحيد، والإيمان، وغير ذلك من الأسماء الدالة على ما حوته هذه السورة من عقيدة التوحيد؛ لأن من عرف معناها، وتدبر ما جاء فيها حق التدبر، علم أن ما جاء في الدين من التوحيد والتنزيه تفصيل لما أجمل فيها ففي قوله {قل هو الله أحد} توحيد من الله لنفسه، كما أن فيها أمر بالبلاغ والدعوة إلى التوحيد، أي: يا محمد، و يا أصحاب محمد، و يا كل المسلمين وحدوا الله وادعوا الناس كافة إلى توحيد الله، وهل دعوات الأنبياء إلا على هذا الأساس العظيم {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} فإن من مقاصد القرآن أن يربي العباد على عبادة الله وحده، لا عبادة العبيد،فما الفائدة أن تقرأ {قل هو الله أحد} وأنت عبد لغير الله! فبعض الناس عبد لوظيفته، وبعضهم عبد لسيارته، وبعضهم عبد لملبسه، قال (ص) في الصحيح: (تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش)
فسورة الاخلاص منهج للاتجاه إلى الله وحده في الرغبة والرهبة، في السراء والضراء، في النعماء والبأساء، وإلا فما جدوى التوجه إلى غير موجود وجودا حقيقيا، وإلى غير فاعل في الوجود أصلا ?!ومنهج للتلقي عن الله وحده، تلقي العقيدة والتصور والقيم والموازين, والشرائع والقوانين، والأوضاع والنظم, والآداب والتقاليد، فالتلقي لا يكون إلا عن الوجود الواحد والحقيقة المفردة في الواقع وفي الضمير ومنهج للتحرك والعمل لله وحده ابتغاء القرب من الحقيقة، وتطلعا إلى الخلاص من الحواجز المعوقة والشوائب المضللة، سواء في قرارة النفس أو فيما حولها من الأشياء والنفوس.
من أجل هذا كله كانت الدعوة الأولى قاصرة على تقرير حقيقة التوحيد بصورتها هذه في القلوب، لأن التوحيد في هذه الصورة عقيدة للضمير، وتفسير للوجود، ومنهج للحياة، وليس كلمة تقال باللسان أو حتى صورة تستقر في الضمير، إنما هو الأمر كله، والدين كله؛ وما بعده من تفصيلات وتفريعات لا يعدو أن يكون الثمرة الطبيعية لاستقرار هذه الحقيقة بهذه الصورة في القلوب.
المطلب الثالث: الحرية الحقيقية
حين يحصل اليقين في القلب من فهم واعتقاد ما في سورة الإخلاص؛ فإن القلب يتحرر من كل القيود، قيود الشهوات والشبهات، وقيود الرغبة والرهبة، فلا يرغب القلب إلا فيما عند الله الأحد الصمد، ولا يرهب إلا الله الأحد الصمد، ولا يرجوا ولا يخاف إلا الله الأحد الصمد.
وكيف يرجو وكيف يخاف من المخلوقين الذين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ولا يستطيعون نصر أنفسهم، ولا يملكون موتا ولا حياة ولا رزقا.
يقول صاحب تفسير (في ظلال القرآن) هذه السورة الكريمة تقرر أحدية الوجود، فليس هناك حقيقة إلا حقيقته، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده، وكل موجود آخر فإنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي, ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية وهي - من ثم - أحدية الفاعلية، فليس سواه فاعلا لشيء, أو فاعلا في شيء في هذا الوجود أصلا، وهذه عقيدة في الضمير وتفسير للوجود أيضا فإذا استقر هذا التفسير, ووضح هذا التصور, خلص القلب من كل غاشية ومن كل شائبة, ومن كل تعلق بغير هذه الذات الواحدة المتفردة بحقيقة الوجود وحقيقة الفاعلية وحين يخلص القلب من الشعور بغير الحقيقة الواحدة , ومن التعلق بغير هذه الحقيقة؛ فعندئذ يتحرر من جميع القيود, وينطلق من كل الأوهاق، يتحرر من الرغبة وهي أصل قيود كثيرة , ويتحرر من الرهبة وهي أصل قيود كثيرة، و فيم يرغب وهو لا يفقد شيئا متى وجد الله ? ومن ذا يرهب ولا وجود لفاعلية إلا لله ?
فالعقيدة الصحيحة أساس في التربية الصحيحة، لأن غير المؤمن لا هدف له، ولا نظام في حياته، يتخبط خبط عشواء، يخضعه الشيطان لأهوائه متى شاء وكيف شاء، فإذا قوى إيمان الفرد بعقيدته الصحيحة، فلن تصدر عنه إلا التصرفات الطيبة التي تتفق مع عقيدته، فالإيمان الصحيح أساس متين لتربية ثابته مضمونه النتائج، فإذا استقامت سيرة الفرد الذاتية، واستقامت حياته وانتظمت، فإن ذلك ينعكس على المجتمع الذي يعيش فيه، وبذلك يتكون المجتمع السليم الصالح من أفراده الذين يكونون لبناته، ويكونون أمة ذات حضارة متجانسة متجاوبة مع عقيدتها ودينها وهذه التربية القرآنية هي ذاتها التي كان رسول الله (ص) يربي أصحابه عليها، عن ابن عباس قال: كنت خلف النبي (ص) يوما فقال " يا غلام , إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده تجاهك , إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله , واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك , وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك , رفعت الأقلام وجفت الصحف "
المطلب الرابع: لنتربى على منهج القرآن ينبغي علينا أن نربي أبناءنا ونساءنا ومجتمعنا على هذا المنهج القرآني فعن عائشة أن النبي (ص) كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على راسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات) فهذه بعض الأحاديث المرغبة في الإدمان على قراءة سورة الإخلاص، والسبب في ذلك أن هذه السورة قد جمعت معاني من اعتقدها حرم الله عليه النار، ولأن هذه السورة وأختيها الفلق والناس حصن حصين من جميع ما يخشاه المؤمن ويحذره، فالإنسان في طبيعته البشرية يطرأ عليه الخوف، ويصاب أحيانا بشتى أنواع المصائب والابتلاءات، وكثير منا وللأسف يتعلق بالأسباب الواهيات، ويترك الرجوع إلى كتاب الله الكريم، فهذا رسول الله (ص) كان يحافظ على قراءة المعوذتين والإخلاص عندما يأوي إلى فراشه، وما ذاك إلا درس لنا في أن نتحصن بكتاب الله، ونتمسك بهدي رسول الله (ص) ونعلم ذلك لأبنائنا ونسائنا ومجتمعنا.
وزاد فضل الله علينا أن جعل هذه السور قصيرة، وكلماتها سهلة يسيرة، لا تتطلب منا جهدا ولا عناء، إنما المطلوب منا أن ندمن قراءتها؛ لتكون لنا حصنا من الأمراض النفسية والوساوس الشيطانية، ونكون بقراءتها قد استحضرنا في قلوبنا أروع معان جاء الرسول (ص) لنشرها، ومن أجلها طرد وعذب وأهين وشرد، بقي في مكة ثلاث عشرة سنة يدعوهم بأن الله أحد، فرد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.
فلنستحضر مع تلاوتنا لها هذه المعاني فهو الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا وزير، ولا ند له ولا شبيه ولا عديل، فهو سبحانه الكامل في جميع صفاته وأفعاله، السيد المقصود الذي لا يقضى أمرا إلا بإذنه، فهو السيد الذي لا سيد غيره، فهو أحد في ألوهيته والكل له عبيد، وهو المقصود وحده بالحاجات، المجيب وحده لأصحاب الحاجات وهو الذي يقضي في كل أمر بإذنه، ولا يقضي أحد معه فإذا اعتقدنا ذلك فإننا نخالف اليهود في قولهم: عزير ابن الله، ونخالف النصارى في قولهم: المسيح ابن الله، ونخالف المجوس في عبادتهم الشمس والقمر، ونخالف المشركين في عبادتهم الأوثان وقولهم بأن الملائكة بنات الله وهذا ما كان النبي (ص) يربي أصحابه عليه مثل: مصعب بن عمير، الذي قطع في أحد، ومثل: عمير بن الحمام، الذي كسر غمد سيفه على ركبته في بدر وقال: بخ بخ -والذي نفسي بيده- إنها لحياة طويلة إذا بقيت إلى أن آكل هذه التمرات، فقاتل حتى قتل، ومثل أنس بن النضر، الذي ضرب ثمانين ضربة، فطارت روحه إلى جنة عرضها السماوات والأرض، {يا أيتها النفس المطمئنة* ارجعي إلى ربك راضية مرضية* فادخلي في عبادي* وادخلي جنتي} فعلينا أن نقرأها ونتدبرها، ونحفظها لأبنائنا وبناتنا فكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعايانا، وبهذا نتحرر من عبودية غير الله إلى عبودية الله عز وجل، ومن الشرك إلى التوحيد الخالص،، فنحن ليسنا بحاجة لطعام وشراب، كحاجتنا وشديد رغبتنا في الدين، فإننا نستطيع الصبر على الجوع والعطش، ولكننا لا نستطيع الصبر على النار، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} ، فهذه قضية كبرى من قضايا هذا الدين، بل هو أساسه، فعلينا أن نرتبط بالقرآن وأن نسير وفق منهجها الإلهي حتى نكتب عنده من السعداء في الداريين"
قطعا ما قالته الباحثة هو مجرد تكرار لكلام سبق أن قالته وهو غالبه كلام غير مفيد فالتربية العقائدية حسب قولها وحسب القرآن التربية الإيمانية المستفادة هى تعليم المسلمين توحيد الله وأنه مولود ولا والد وليس له مثيل فهى تربية خاصة بتعريف الله وما يترتب عليه هو طاعة الله وحده هذه هى خلاصة الأمر والكلام فيه العديد من الأخطاء وهى :
الأول إدمان قراءة السورة وافتتاح اليوم بها فهو كلام خاطىء فالمسلم لابد له أن يقرأ القرآن كله وليس سور معينة لأن الغرض من القراءة هو تعلم الأحكام وتعلم الأحكام لأن يأتى من قراءة سورة واحدة أو حتى عشرة
الثانى ما سمته الباحثة الحرية الحقيقية ففى الإسلام لا حرية لمسلم وإنما هى عبودية مطلقة لله كما قال تعالى :
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم"
وبقية الأخطاء سبق ذكرها كثلث القرآن وقراءة السور والنفث بها
أمس في 10:17 pm من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى مقال الله ليس بجسم
الجمعة نوفمبر 08, 2024 9:45 pm من طرف رضا البطاوى
» نقد كتاب الاستخارة
الخميس نوفمبر 07, 2024 9:44 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى كتيب إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني
الأربعاء نوفمبر 06, 2024 9:20 pm من طرف رضا البطاوى
» الرد على مقال زهراء هي البنت الوحيدة للنبي (ص) ؟
الثلاثاء نوفمبر 05, 2024 9:28 pm من طرف رضا البطاوى
» الرد على مقال معنى قوله تعالى ( صلوا عليه وسلموا تسليما )
الإثنين نوفمبر 04, 2024 9:51 pm من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى كتاب المعجزات النبوية بين الإيمان والجحود
الأحد نوفمبر 03, 2024 8:59 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات في كتاب فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن
السبت نوفمبر 02, 2024 9:59 pm من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى كتاب مفتاح علوم السر في تفسير سورة والعصر
الجمعة نوفمبر 01, 2024 10:10 pm من طرف رضا البطاوى